أمّا الاحتياط فهو في عرضها ، فيجوز لكلّ من المجتهد أو المقلّد أن يحتاط ، وبالعكس إلّا أنّ العامي يحتاط ، وهو الاحتياط في خصوص الفتاوى بعد معرفة موارد الاحتياط ، والمجتهد يحتاط فيها وفي غيرها.
ولا يخفى كما سيأتي أنّ الاحتياط حسن ما لم يستلزم اختلال النظام فيكون مبغوضاً ، أو يستلزم العسر والحرج فيكون مرفوعاً شرعاً ، وكذا ما لم يستلزم الوسوسة. وحينئذٍ مثل هذا الاحتياط يكون مصيباً للواقع ولا يتطرّق إليه الخطأ في العمل فإنّه به يصل المكلّف إلى الحكم الواقعي والمصالح الملزمة أو المفاسد الملزمة ، وبعبارةٍ اخرى لا يوجبان الاجتهاد والتقليد القطع بالامتثال للأمر الواقعي وإنّما يوجبان الظنّ به بخلاف الاحتياط.
ومن هذا المنطلق ربما يقال بتقدّم الاحتياط عليهما لتطرّق الخطأ فيهما دونه ، وجوابه : لا دليل لنا على وجوب الوصول إلى التكاليف الواقعيّة ، ولو كان لوجب الاحتياط في كثير من الأُمور الشرعية ، والثابت خلافه ، ولو كان لبان. كما أنّ دليل حجّية الأمارات مطلق يعمّ صورة تمكّن المجتهد من الاحتياط ، كما أنّ دليل حجّية الأمارة بالعلم التعبّدي نزّلها منزلة العلم الوجداني بالواقع لدى الشارع فلا حاجة إلى الاحتياط حينئذٍ كما يدلّ عليه سيرة العقلاء ، كما أنّ سيرة المتشرّعة المتّصلة بزمن المعصومين (عليهمالسلام) كاشفة على عدم تقدّم الاحتياط عندهم على الاجتهاد والتقليد ، كما أنّ إطلاق أدلّة التقليد حاكم بعدم تقدّم الاحتياط عليه.
وأمّا تقدّم الاجتهاد على الاحتياط أو التقليد ، فربما يتوهّم تقديم ذلك من باب تقديم العلم التفصيلي على العلم الإجمالي.