فإنّ الاحتياط في العبادات وغيرها تارة لم يستلزم منه تكرار جملة العمل فهو حسن ويحرز به الواقع ، كتعدّد غسل الثوب النجس بالبول ، فيكرّر حتّى يحصل العلم بالطهارة ما لم يستلزم العسر والحرج والوسوسة واختلال النظم كما ذكرنا ، وأُخرى يستلزم منه تكرار جملة العمل كتكرار الصلاة مع التمكّن من الامتثال التفصيلي ، فلو قلنا من المحتمل اعتبار قصد الوجه أو التمييز أو الجزم بالنيّة في المأمور به في العمل ، فحينئذٍ مع التكرار تنتفي هذه الأُمور ، ومن ثمّ يقال بتقديم الامتثال التفصيلي على الامتثال الإجمالي ، فكيف يحرز الواقع بالاحتياط في عرض الاجتهاد والتقليد بقول مطلق.
وجوابه : أنّ اعتبار هذه الأُمور مبنويّة ، كما أنّها غير معتبرة في المعاملات والتوصّليات ، فيكون النزاع مبنوي حينئذٍ (١) ، كما أنّه لم يثبت تقدّم الامتثال
__________________
(١) جاء في (الاجتهاد والتقليد : ٢٥٠) لسيّدنا الصدر (قدسسره) : علّق السيّد الشاهرودي على كلمة الاحتياط في العروة بقوله بعد أن اجتهد أو قلّد في مسألة عدم اعتبار الجزم بالنيّة ، وإلّا لا يتمكّن من الاحتياط أصلاً إلّا بالتشريع المحرّم.
فأجابه الأُستاذ قائلاً : إنّ كثيراً من موارد الاحتياط غير محتاج إلى الجزم بالنيّة أمّا في المعاملات ، فقد لا يكون الترديد في النيّة حال الاحتياط مضرّاً ، كما لو أدّى المثل والقيمة معاً ، حال الشكّ في ضمان أيّهما. وكما لو احتاط ولم يتصرّف في العوض ولا في المعوّض عند فوات بعض ما يحتمل اشتراطه في العقد ، وقد يكون الجزم بالنيّة ، موجوداً في المعاملة بسبب الاحتياط. كما لو أجرى العقد حال وجود جميع ما شكّ في اشتراطه فيه ، أضف على ذلك ، أنّ الترديد في النيّة ، غير مضرّ بالاحتياط ، في ترك