التفصيلي على الامتثال الإجمالي مطلقاً ، ثمّ لو سلّم ذلك فغايته عدم تحقّق الاحتياط في العبادات مطلقاً أو فيما إذا استلزم تكرار جملة العمل ، وربما يكون الاحتياط في المعاملات ، كما أنّ القول بجوازه إنّما هو بعد إمكانه وحُسنه ، ونقطع بحسنه فيما أمكن إحراز المأمور به بجميع محتملاته ، وهذا أمر فطري غير قابل للنقاش.
وأمّا تقديم الاجتهاد على التقليد ، فإنّ الاجتهاد واجب كفائي كما عليه الأدلّة كما سنذكر بأنّ المتبادر من آية النفر (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)(١) هو ذلك ، كما تدلّ عليه سيرة العقلاء فإنّهم لا يفرّقون في رجوع الجاهل إلى العالم بين تمكّنه من العلم أو غيره ، كما إنّ إطلاقات أدلّة التقليد تعمّ لصورة تمكّن المستفتي من الاجتهاد ، كما ادّعى على ذلك سيرة المتشرّعة ، فتأمّل.
وخلاصة القول : أنّه لا ينبغي الإشكال في جواز العمل بالاحتياط في الجملة وأنّه في عرض الاجتهاد والتقليد في الخروج عن عهدة التكاليف الثابتة والمعلومة في الشريعة المقدّسة ، ولا فرق في ذلك بين المجتهد والعالم بموازين الاحتياط اجتهاداً
__________________
ما يشكّ في كونه محرّماً ، وفي فعل ما يشكّ في كونه واجباً ، في الواجبات التوصّلية. وأمّا الحال في التعبّديات ، فقد يكون الجزم بالنيّة عند الاحتياط موجوداً ، كما في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، إذ يأتي المحتاط بالأكثر في صورة عدم احتمال كون المشكوك فيه مضرّاً ، ومن المعلوم أنّه يكفي للمحتاط في الاجتهاد في هذه المسألة ، إحراز حكم عقله ، بعدم اعتبار الجزم في النيّة ، فإذا حصل له الوثوق بذلك وبكفاية الإتيان الرجائي ، فلا يكون مؤاخذاً.
(١) التوبة : ١٢٢.