ثمّ قد وقع نقاش بين الأعلام من المعلّقين على العروة ، بأنّ ما ذكره السيّد إنّما هو تفسير العدالة ، فلا يستفاد من الخبر أكثر من اشتراط العدالة ، وذهب جمع إلى أنّه شرط آخر زيادة في العدالة. وقيل : إنّما يدلّ الخبر على اعتبار الوثوق في النقل والتحرّز من الكذب ، كما أشار إلى ذلك الشيخ الأنصاري قائلاً : إنّ ظاهر الخبر وإن كان اعتبار العدالة بل ما فوقها ، ولكن المستفاد من مجموعة أنّ المناط في التصديق هو التحرّز من الكذب فافهم (١).
كما أنّ السيّد الحكيم (قدسسره) في مستمسكه بعد الإشكال على دلالته ، وأنّه لا يدلّ على أكثر من اعتبار الأمانة والوثوق قال : (كما يظهر من ملاحظة مجموع الفقرات وإن كان الجمود على الفقرة الأخيرة يقتضي ظهوره في اعتبار العدالة) (٢).
والسيّد الخوئي في تقريراته يذهب : إلى أنّ المستفاد منه اعتبار العدالة من جهة الأمن عن الخيانة والكذب لا من جهة التعبّد ، وإن حصل الوثوق به فإنّه (عليهالسلام) بعد أن ذكر أوصاف الفقيه الذي للعوام أن يقلّدوه قال : (وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم فإنّ من ركب من القبائح والفواحش مراكب العامة فلا تقبلوا منهم شيئاً ولا كرامة ، وإنّما كثر التخليط فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لذلك ، لأنّ الفسقة يتحمّلون عنّا فيحرفونه بأسره لجهلهم ، ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلّة معرفتهم وآخرون يتعمّدون الكذب علينا ..) الحديث فإنّه علّل (عليهالسلام) عدم القبول
__________________
(١) المصدر : ٤٥٨ ، عن فرائد الأُصول ، مبحث حجّية الظنّ : ٨٠.
(٢) المستمسك ١ : ٤٦.