__________________
الكوفي والشيخ المفيد وغيرهم.
الثاني : الاجتهاد بالمعنى العامّ : وهو عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال إلّا أنّه صار في عرف العلماء مخصوصاً ببذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة أو استنباط الحكم من الأدلّة التفصيليّة أو إرجاع الفروع إلى الأُصول. ولهذا الاجتهاد تعاريف عديدة ومآلها إلى استنباط الأحكام الشرعيّة من أدلّتها الخاصّة ، والشيعة الإمامية تقول بهذا الاجتهاد وبفتح بابه في عصر الغيبة الكبرى ، قال المحقّق الحلّي المتوفّى سنة ٦٧٦ : «الاجتهاد في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية ، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام الشرعيّة من أدلّة الشرع اجتهاداً لأنّه يبتنى على اعتبارات نظرية ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر» ، وقال المحقّق الحلّي بعد أن فصل بين الاجتهادين : «على هذا يلزم أن يكون الإماميّة من أهل الاجتهاد؟ قلنا : الأمر كذلك لكن فيه إبهام من حيث أنّ القياس من جملة الاجتهاد ، فإذا استثني القياس كنّا من أهل الاجتهاد في تحصيل الأحكام بالطرق النظريّة التي ليس أحدها القياس» (معارج الأُصول : ١١٧) فالشيعة رفضت الاجتهاد بالمعنى الأوّل وأقرّت وتبنّت المعنى الثاني.
وأبناء العامّة إنّما قالوا بالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة باسم الاجتهاد لنقص نصوصهم اللفظيّة عن الحوادث والوقائع الجديدة ، فلم يكن عندهم من النصّ النبوي مثلاً ما يغطّي وقائع الحياة المعاصرة ، لأنّهم بعد وفاة الرسول الأعظم وقفوا على عدم استمرار الإمامة والخلافة الحقّة ، ولمثل هذا يقول عمر بن الخطّاب لأحد عمّاله : «فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنّة رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ولم يتكلّم فيه أحد قبلك فاختر أيّ الأمرين شئت ، وإن شئت أن تجتهد برأيك تتقدّم فتقدّم ، وإن