شئت قلت إنّه عبارة عن استنباط الأحكام الشرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة (١).
أقول : المراد من الظنّ في تعريف الاجتهاد هو الظنّ المعتبر أي الحجّة ، فلا إشكال حينئذٍ باعتبار الاجتهاد الفعلي ، أمّا الاجتهاد بمعنى الملكة فذلك موضوع آخر وتعريف آخر.
وبعبارة اخرى : إنّ المجتهد يعمل على طبق الحجّة ، ولكن تحصيل الملكة ممّا فيه النصب والتعب كتحصيل ملكة السياقة (السائق للسيارة في عصرنا) واستعمال الملكة أصعب ، فإنّه ربما يحصل عليها إلّا أنّها تزول أو تضعف عند عدم استعمالها ومزاولتها ، فهل يمكن غمض العين عن الاجتهاد الفعلي وتقليد الآخرين؟
والذي في الشريعة هو تعلّم الأحكام التي يبتلى به الإنسان أو يعلم بالابتلاء بها ولو إجمالاً ، فوجوب التعلّم وجوباً شرعياً كما تدلّ عليه الأخبار ، ومقتضى الوجوب تارة يكون بنحو التقليد وأُخرى بنحو الاجتهاد.
وما قيل في تعريف الاجتهاد بأنّه استفراغ الوسع لتحصيل الحجّة على الحكم الشرعي ، ليخرج علم العامي فإنّه أيضاً من تحصيل الحجّة والدليل باعتبار (أنّ هذا ما أفتى به المفتي وكلّ ما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقّي فهذا حكم الله في حقّي) إلّا أنّه ليس فيه استفراغ الوسع.
ولكي يتمّ التعريف نقول : الاجتهاد الفعلي هو استفراغ الوسع لتحصيل الحجّة التفصيليّة على الواقعة ، وحجّة العامي إنّما هي حجّة إجماليّة ، فأدلّة وجوب التعلّم
__________________
(١) الدرّ النضيد ١ : ٣٠.