المعصومين (عليهمالسلام) من جهة اللغة والنحو والصرف وعلوم البيان حتّى يعرف الحقيقة من المجاز وما شابه في المحاورات العرفيّة ، ولا يحتاج إلى التوغّل والانغمار في ذلك حتّى يغفل عن ذي المقدّمة.
كما على الفقيه أن يعرف المحاورات العرفية وفهم الموضوعات المتعارفة بينهم ، ففي تشخيص الموضوعات قيل هو عيال على العوام لما يحمل من العلوم واختلاف الأقوال والآراء ممّا يوجب صعوبة معرفة الموضوع ، وقيل : عليه أن يجرّد نفسه من معلوماته ثمّ ينظر إلى الموضوع ، فما يفهمه يكون حجّة له ولغيره ، وإلّا يلزم رجوع العالم إلى الجاهل ، وقيل : في عدم المعرفة للموضوع يكون غير عارف فيرجع إلى من يعرف من العرف العامّ ، فلا يصدق رجوع العالم إلى الجاهل حينئذٍ.
يقول سيّدنا اللنگرودي دام ظلّه : يتوقّف الاجتهاد على الانس بالمحاورات العرفيّة وفهم الموضوعات الدارجة بينهم والاحتراز عن خلط دقائق العلوم الفلسفيّة والعقليّات الدقيقة في المعاني العرفيّة السوقيّة الدارجة ، فإنّه كثيراً ما يقع الخطأ لأجله في فهم معاني الكتاب والسنّة ، وقد وقع كثير من المشتغلين بل الأعاظم في خلاف الواقع من جهة خلط الاصطلاحات الرائجة في العلوم العقليّة والقواعد العقليّة ، بالمعاني العرفيّة الرائجة بين أهل المحاورة المبني عليها الكتاب والسنّة (١).
__________________
(١) الدرّ النضيد ١ : ٤٨.