الواقعي إنّما صدر للتقيّة.
ولو تضلّع في الأخبار بتقوى وإخلاص ، فإنّه يفهم منها ما لا يفهمه غيره ، وحتّى في كثير من الموارد يعرف كيف يرفع التعارض بين الأخبار ، بل يراها كلّ من معدن واحد ، ولا اختلاف بينهما كما ورد عن داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبد الله (عليهالسلام) يقول : (أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إنّ الكلمة لتصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب) (١).
وما عن أبي حيون مولى الرضا عن الإمام الرضا (عليهالسلام) قال : من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم. ثمّ قال (عليهالسلام) : إنّ في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن ومتشابهاً كمتشابه القرآن ، فردّدوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتهلكوا) (٢).
وهذا كلّه لما جاء في حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ، وأنّهما لن يفترقا إلى يوم القيامة ، فكلّ ما في القرآن الكريم هو عند العترة الطاهرة (عليهمالسلام) ، وكلّ ما عندهم هو في القرآن لإطلاق عدم الافتراق ، وإذا كان القرآن له سبعون بطناً ، وأنّه يحمل وجوه ، وأنّه غضّ جديد لا يبلى ، ويتماشى مع كلّ عصر ومصر ، فكذلك كلمات المعصومين (عليهمالسلام) (٣) ، فهما من منبع واحد ، من العليّ الأعلى ، الفرد الصمد
__________________
(١) الوسائل ، باب ٩ من صفات القاضي ، الحديث ٢٧.
(٢) المصدر ، الحديث ٢٢.
(٣) راجع الدرّ النضيد ١ : ٥٤.