المسألة من الكتاب والسنّة ، فإن عرفها فبها ، وإلّا ترجم له إن لم يعرف اللغة العربية ، ويوكّل فهمها إليه ، وإذا كانت الأدلّة متعارضة فيعلّمه كيف يجمع بينها بالجمع العرفي بحمل العامّ على الخاصّ والمطلق على المقيّد وهكذا ، أو أنّه يرجع إلى الأخبار العلاجية في المرجّحات الداخلية والخارجية ، كما يعرّفه بحال الرواة.
إلّا أنّ هذا المعنى واضح الردّ ، فإنّه يلزمه العسر والحرج ، بل يوجب اختلال النظام لصعوبة الاجتهاد ، لا سيّما في عصرنا هذا ، فدونه خرط القتاد ، كما أنّه يلزم القول بعينية الاجتهاد حرمة التقليد وعدم الاحتياط ، وهو خلاف السيرة المتشرّعة والنصوص الواردة ، كما لنا روايات مطلقة دالّة على جواز التقليد ، بل ويلزم القول بالعينية مخالفة آية النفر (ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) بل (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(١).
فظهور الآية الشريفة يدلّ على كون الاجتهاد وتحصيل الحجّة على الأحكام الشرعيّة واجباً كفائياً ، كما يؤيّده الروايات الواردة في تفسير الآية (٢) ،
__________________
(١) التوبة : ١٢٢.
(٢) الوسائل ١٨ : باب ٨ ١١ من أبواب صفات القاضي.
منها : عن الصدوق بسنده في العيون والعلل عن فضل بن شاذان عن الرضا (عليهالسلام) في حديث إنّما أُمروا بالحجّ لعلّة الوفادة إلى الله عزوجل ، وطلب الزيادة والخروج من كلّ ما اقترف العبد ، إلى أن قال : مع ما فيه من المنفعة ونقل أخبار الأئمة (عليهمالسلام) ض إلى كلّ صقع وناحية ، كما قال الله عزوجل (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ