وإنّما يتمّ تعريف الاجتهاد الفعلي لو قلنا هو استفراغ الوسع في تحصيل الحجّة التفصيليّة على الواقعة ، فيخرج علم العامي فإنّ حجّته إجماليّة.
فأدلّة وجوب التعلّم تعمّ التقليد والاجتهاد ، ويبقى الاحتياط فيمن لم يقصد الاجتهاد الفعلي ، فإنّه يتمثّل التكليف الواقعي أيضاً ، ولم يضرّ ذلك بنيّة التقرّب إلى الله سبحانه ، فيصحّ منه الاحتياط ، فيجب على كلّ مكلّف في الحوادث الواقعة الشرعيّة إمّا أن يكون مجتهداً أو مقلّداً أو محتاطاً.
والكلام فيمن له ملكة الاجتهاد إلّا أنّه يترك الاجتهاد الفعلي ويكتفي بالتقليد فهل يجوز له ذلك؟
نقل عن رسالة شيخنا الأعظم الشيخ الأنصاري أنّه يذهب إلى عدم تماميّة التقليد له ، بل إمّا أن يجتهد فعلاً أو يحتاط ، وقال : المعروف عندنا العدم بل لم ينقل الجواز عن أحد منّا ، وإنّما حكي عن مخالفينا. وقيل : العامي الجاهل إنّما يرجع إلى أهل الخبرة في كلّ أمر ممّا يدلّ عليه سيرة العقلاء ، فيرجع إلى المجتهد الفعلي لما عنده من الحدس على الحكم الواقعي بعد استفراغ الوسع ، وفي السيرة العقلائيّة لا يرجع صاحب الحدس إلى حدس الآخرين.
وما يدّعى من الإجماع في هذا الباب فلا معنى له ، فإنّه ممّا حدث عند المتأخّرين ، كما ليس عليه المعظم ، فكيف يدّعى الإجماع؟
وأمّا السيرة العقلائيّة فلا تنفع فيما نحن فيه لضعفها ، نعم لنا السيرة المتشرّعة ، فإنّه من زمن الأئمة (عليهمالسلام) كان الناس يرجعون في معالم دينهم إلى أصحاب الحدس وإلى الرواة الثقات والفقهاء الأعلام بإذن من الأئمة (عليهمالسلام) ، كما من بينهم من كان