هذين الجزءين أو الشرطين في الواقع ، اذن يقع التعارض بين دليلي الجزءين أو الشرطين ، إذ لم يعلم أن أيهما مجعول في الواقع فلا مجال لتوهم جريان أحكام التزاحم حينئذ أصلا.
ثم انه لا يخفى ان ما نسب ـ شيخنا الأستاذ (قده) إلى السيد العلامة الطباطبائي (قده) في العروة من انه قد حكم بصحة الوضوء في هذا الفرع ـ لا واقع له فان السيد قد حكم ببطلان الوضوء في هذا الفرع حيث قال : «والأولى أن يرفع الخبث أولا ثم يتيمم ليتحقق كونه فاقداً للماء حال التيمم وإذا توضأ أو اغتسل والحال هذا بطل لأنه مأمور بالتيمم ، ولا أمر بالوضوء أو الغسل».
وقد تلخص انه لا يمكن تصحيح الوضوء أو الغسل من ناحية الأمر الضمني في المثال لعدم جريان قاعدة الترتب بالإضافة إليه. ولا من ناحية الملاك لعدم إمكان إحرازه.
نعم يمكن تصحيحه بوجه آخر وهو : ان الوضوء أو الغسل بما انه عبادة في نفسها ومتعلق لأمر نفسي استحبابي سواء أكان مقدمة لواجب كالصلاة ، أو نحوها أم لم يكن ، ولذلك قلنا انه يعتبر في صحته قصد القربة. وعلى ذلك فلا مانع من الالتزام بتعلق امره الاستحبابي النفسيّ به من جهة الترتب ، وسيجيء ـ فيما بعد إن شاء الله تعالى ـ انه لا فرق في جريان الترتب على القول بإمكانه بين الأمر الوجوبيّ والأمر الاستحبابي فكما أن الترتب يجري في مزاحمة واجب مع واجب أهم ، فكذلك يجري في مزاحمة مستحب مع واجب ، غاية الأمر ان إطلاق الأمر الاستحبابي قد سقط حين المزاحمة ولكن لا مانع من الالتزام بثبوت أصله على تقدير عدم الإتيان بالواجب ومخالفة أمره ، إذ لا تنافي بين الأمرين حينئذ فرفع اليد عن أصل الأمر الاستحبابي بلا موجب.
ونتيجة ذلك هي : ان ملاك صحة الترتب وإمكانه ـ وهو عدم التنافي بين الأمرين وان الساقط هو إطلاق الخطاب دون أصله ـ مشترك فيه بين الأمر الوجوبيّ