فيما بعد بالاختيار ، فلولاه لما كان متوجهاً إليه إلا الطلب بالأهم ، ولا برهان على على امتناع الاجتماع إذا كان بسوء الاختيار. فانه يقال استحالة طلب الضدين ليست إلا لأجل استحالة طلب المحال واستحالة طلبه من الحكيم الملتفت إلى محاليته لا تختص بحال دون حال ، وإلا لصح فيما علق على امر اختياري في عرض واحد بلا حاجة في تصحيحه إلى الترتب ، مع انه محال بلا ريب ولا إشكال.
ان قلت فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك ، فان الطلب في كل منهما في الأول يطارد الآخر ، بخلافه في الثاني ، فان الطلب بغير الأهم لا يطارد طلب الأهم ، فانه يكون على تقدير عدم الإتيان بالأهم ، فلا يكاد يريد غيره على تقدير إتيانه وعدم عصيان امره.
قلت ليت شعري كيف لا يطارده الأمر بغير الأهم وهل يكون طرده له إلا من جهة فعليته ومضادة متعلقه له ، وعدم إرادة غير الأهم على تقدير الإتيان به لا يوجب عدم طرده ، لطلبه مع تحققه على تقدير عدم الإتيان به وعصيان امره ، فيلزم اجتماعهما على هذا التقدير مع ما هما عليه من المطاردة من جهة المضادة بين المتعلقين مع انه يكفي الطرد من طرف الأهم ، فانه على هذا الحال يكون طارداً لطلب الضد ـ كما كان في غير هذا الحال ـ فلا يكون له معه أصلا بمجال.
أقول : ملخص ما أفاده (قده) هو ان اجتماع الأمر بالمهم والأمر بالأهم في زمان واحد كما هو المفروض في محل الكلام يقتضى الجمع بينهما في ذلك الزمان ، لما عرفت من ان نسبة الحكم إلى متعلقه نسبة المقتضى إلى مقتضاه في الخارج ، وعلى هذا فكما ان الأمر بالأهم يقتضى إيجاد متعلقه في الزمان المزبور ، فكذلك الأمر بالمهم يقتضى إيجاده فيه ، لفرض كونه فعلياً في ذلك الزمان إذ لا معنى لفعلية الأمر في زمان إلا اقتضائه إيجاد متعلقه فيه خارجاً ودعوته إليه فعلا ، وعلى هذا فلا محالة يلزم من اجتماعهما في زمان واحد المطاردة بينهما في ذلك الزمان من جهة مضادة متعلقيهما في الوجود مع ان الأمر بالمهم لو لم يقتض طرد الأهم