سبق ان عند وجود أحد الضدين يستحيل ثبوت المقتضى للآخر ، فيكون عدمه من جهة عدم المقتضى ، لا من جهة وجود المانع مع ثبوت المقتضى له. وعلى الفرض الثاني فلا مقتضى لكونه مانعاً منه ، بداهة ان مانعية المانع من جهة مضادة أثره للممنوع ، فإذا فرض عدم مضادته له فلا موجب لكونه مانعاً أصلا.
وقد تبين لحد الآن انه لا مانع من أن يكون أحد الضدين مانعاً عن الآخر ليستند عدمه إليه ، لا إلى عدم مقتضية ، لفرض إمكان ثبوته في نفسه ، بحيث لو لا وجود الضد الآخر لكان يؤثر أثره ، ولكن وجوده يزاحمه في تأثيره ويمنعه عن ذلك ، مثلا إذا فرض وجود مقتض لحركة شيء إلى طرف المشرق ووجد مقتض لحركته إلى طرف المغرب فكل من المقتضيين انما يقتضى الحركة في نفسه إلى كل من الجانبين ، مع عدم ملاحظة الآخر ، فعندئذ كان تأثير كل واحد منهما في الحركة إلى الجانب الخاصّ متوقفاً على عدم المانع منه ، فإذا وجدت إحدى الحركتين دون الأخرى فلا محالة يكون عدم هذه مستنداً إلى وجود الحركة الأولى لا إلى عدم مقتضيها ، فان المقتضى لها موجود على الفرض ، ولو لا المانع لكان يؤثر أثره ولكن المانع هو «وجود تلك الحركة» يزاحمه في تأثيره.
على الجملة فلا ريب في إمكان ثبوت المقتضيين في حد ذاتهما ، حتى إذا كانا في موضوع واحد أو محل واحد ، كإرادتين من شخص واحد ، أو سببين في موضوع واحد ، فضلا عما إذا كان في موضوعين أو محلين ، كإرادتين من شخصين ، أو سببين في موضوعين إذ لا مانع من ان يكون في شخص واحد مقتض للقيام من جهة ، ومقتض للجلوس من جهة أخرى ، وكلا المقتضيين موجود في حد ذاتهما ، مع الغض عن الآخر ، فعندئذ إذا وجد أحد الفعلين دون الآخر فعدم هذا لا محالة يكون مستنداً إلى وجود ذاك ، لا إلى عدم مقتضية ، لفرض ان المقتضى له موجود ، وهو يؤثر أثره لو لا مزاحمة المانع له.
ونتيجة ما ذكرناه هي : ان ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من أن أحد