وقلنا ان ما نحن فيه ليس من شيء من تلك التقادير.
ومما يشهد على ما ذكرنا انه إذا فرض فعلان في حد ذاتهما ممكني الجمع كقراءة القرآن والدخول في المسجد ـ مثلا ـ فمع ترتب الأمر بأحدهما على عدم الإتيان بالآخر لا يقعان على صفة المطلوبية عند جمع المكلف بينهما خارجاً ، بداهة ان مطلوبية أحدهما إذا كانت مقيدة بعدم الإتيان بالآخر فيستحيل وقوعهما معا في الخارج على صفة المطلوبية. وهذا برهان قطعي على عدم مطلوبية الجمع.
ودعوى ـ ان عدم وقوعهما على صفة المطلوبية معا ـ هنا ـ انما هو من جهة عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما ، فلو تمكن من ذلك فلا محالة يقعان على صفة المطلوبية ـ مدفوعة بان وقوعهما على هذه الصفة مع فرض بقاء تقييد الأمر بالمهم بعدم الإتيان بالأهم وعصيان امره في هذا الحال غير معقول ، بل الإتيان بالمهم عندئذ بقصد الأمر تشريع ومحرم. واما ـ مع فرض ارتفاع التقييد في هذا الحال ـ كما هو الصحيح ـ لأن التقييد من جهة المزاحمة بين التكليفين وعدم تمكن المكلف من الجمع بين متعلقيهما في مقام الامتثال ، واما مع فرض عدم المزاحمة وتمكن المكلف من الجمع بينهما في تلك المرحلة فلا تقييد في البين ، ولا حكم للعقل به ، لأنه انما يحكم به في صورة المزاحمة لا مطلقا ـ فهو خارج عن محل الكلام ، فان محل الكلام هو ما إذا لم يتمكن المكلف من الجمع بينهما ، فانه يوجب تقييد الواجب للمهم بعدم الإتيان بالأهم بحكم العقل ، وفي هذا الفرض لا يمكن وقوعهما على صفة المطلوبية كما سبق.
واما ـ ما ذكر من ان العصيان إذا كان شرطا بوجوده الخارجي على نحو الشرط المقارن فلا يمكن فرض اجتماع الأمرين (الأمر بالأهم والأمر بالمهم) في زمان واحد ـ فهو يبتنى على نقطة فاسدة وهي توهم ان العصيان مهما تحقق ووجد في الخارج فهو مسقط للأمر ، ولكن الشأن ليس كذلك.
والوجه فيه هو ان إذا حللنا مسألة سقوط الأمر تحليلا علميا نرى ان الموجب