وأجاب عنه بان الخطاب الواقعي لا يكون منجزاً وقابلا للدعوة في ظرف الجهل من دون فرق فيه بين كون الجهل عن قصور أو عن تقصير ، واما استحقاق العقاب فانما هو على مخالفة الواقع في ظرف وجوب الاحتياط أو التعلم. والوجه فيه ما ذكرناه في محله من ان وجوب الاحتياط أو التعلم إنما هو من باب تتميم الجعل الأول فالعقاب على مخالفة الواقع هو بعينه العقاب على مخالفة إيجاب الاحتياط أو التعلم وبالعكس. وعلى هذا يترتب ان استحقاق العقاب على تقدير مخالفة الحكم الواقعي في موارد وجوب الاحتياط أو التعلم لا يصحح إحراز العصيان ، فان إحرازه يتوقف على وصول الحكم الواقعي بنفسه بالوجدان أو بطريق معتبر من أمارة أو أصل محرز. ومن الواضح انه ما لم يحرز العصيان لا وجداناً ولا تعبداً لا يكون الحكم المترتب عليه محرزاً أيضاً.
وبتعبير آخر : ان تعلق الأمر بالضدين على نحو الترتب يبتنى على أخذ عصيان الأمر المترتب عليه في موضوع الأمر المترتب ، وهذا في محل الكلام غير معقول فلا يمكن أخذ عصيان الأمر بالإخفات ـ مثلا ـ في موضوع الأمر بالجهر. والوجه في ذلك هو ان المكلف بالقراءة الإخفاتية لا يخلو من ان يكون عالماً بوجوب الإخفات عليه ، أو يكون جاهلا به ولا ثالث لهما ، اما الفرض الأول فهو خارج عن محل الكلام ، إذا المفروض فيه توقف صحة الجهر على الجهل بوجوب الإخفات ، فلا يقع صحيحاً في صورة العلم بوجوبه بالضرورة. واما على الفرض الثاني فعصيان وجوب الإخفات وان كان متحققاً في الواقع ، إلا انه يستحيل جعله موضوعاً لوجوب الجهر في ظرف الجهل ، لاستحالة جعل حكم على موضوع لا يمكن إحرازه أصلا ، فان المكلف إذا علم بعصيانه وجوب الإخفات ينقلب الموضوع فيصير الواجب عليه عندئذ هو الجهر دون الإخفات ، وإذا كان جاهلا به فلا يصل. وعليه فكيف يمكن أخذه في موضوع وجوب الجهر.
وان شئت فقل : ان فعلية الخطاب المترتب تتوقف على توفير شروط :