لا يكون واجباً في هذا الحال على الفرض ، ليستحق العقاب على تركه ودعوى الإجماع عليه في هذا الفرض من الغرائب كما لا يخفى. على ان استحقاق العقاب ليس من الأحكام الشرعية ، ليمكن دعوى الإجماع عليه. هذا مع ان كلمات كثير من الأصحاب خالية عن ذلك.
واما على الثاني فلا شبهة في ان الحكم في الواقع حينئذ يكون هو التخيير بين الجهر والإخفات والقصر والتمام ، ولازم ذلك ان يكون الإتيان بالقصر أو الإخفات مجزياً كما هو شأن كل واجب تخييري ، وعلى هذا فلا موضوع لاستحقاق العقاب بعد الإتيان بأحد طرفي التخيير ، وان لم يكن المكلف حال العمل ملتفتاً إليه ، ضرورة ان الالتفات إليه ليس من أحد شرائط صحة الإتيان بأحد طرفيه.
وقد تحصل مما ذكرناه امران :
الأول ـ انه يمكن دفع الإشكال المزبور عن المسألتين المتقدمتين بوجهين :
أحدهما ـ الالتزام بالترتب في مقام الجعل ، وقد عرفت انه لا مانع منه أصلا ، غاية الأمر ان وقوعه في الخارج يحتاج إلى دليل ، وقد دل الدليل على وقوعه فيهما.
ثانيهما ـ ما ذكرناه لحد الآن من انه لا موجب لاستحقاق العقاب أصلا كما عرفت.
الثاني ـ ان نقطة الامتياز بين هذين الجوابين هي ان الجواب الأول ناظر إلى انه لا مانع من الجمع بين الأمرين المزبورين أعني بهما صحة التمام في موضع القصر والجهر في موضع الخفت أو بالعكس ، واستحقاق العقاب على مخالفة الواقع فانه بناء على القول بصحة الترتب فيهما لا إشكال في الالتزام بالجمع بين هذين الأمرين ، بل هو لازم ضروري للقول بالترتب ، كما عرفت الكلام فيه بصورة مفصلة. والجواب الثاني ناظر إلى انه مع الحكم بصحة التمام في موضع القصر والجهر في موضع الخفت وبالعكس كما هو صريح صحيحة زرارة لا يمكن الحكم