ـ مطلقاً ـ فلا إشكال في فساده أيضاً ، لما عرفت من ان المحرم يستحيل ان يكون مصداقاً للمأمور به ، وبما ان الوضوء أو الغسل على هذا بنفسه محرم فيمتنع ان ينطبق الواجب عليه. وهذا واضح. واما بناء على ما هو الصحيح من ان المأمور به في مثل هذه الموارد غير متحد مع المنهي عنه ، فان المأمور به هو صب الماء على الرّأس والبدن أو على الوجه واليدين ، والمنهي عنه هو أخذ الماء من تلك الأواني فلا مانع من الحكم بصحة الوضوء أو الغسل ، وذلك لعدم سراية الحكم من متعلقه إلى مقارناته ولوازمه الاتفاقية.
وان شئت فقل : ان متعلق النهي هو أخذ الماء منها ، فانه نحو استعمال لها وهو محرم على الفرض ، واما صبه على الوجه واليدين ـ مثلا ـ بعد أخذه منها فليس باستعمال لها ، ليكون محرماً نعم هو مترتب عليه وقد ذكرنا في بحث مقدمة الواجب ان حرمة المقدمة لا نمنع عن إيجاب ذيها إذا لم تكن منحصرة ، واما إذا كانت منحصرة فتقع المزاحمة بينهما ، فاذن المرجع هو قواعد باب التزاحم.
ولكن المشهور بين الأصحاب قديماً وحديثاً هو التفصيل بين ما إذا كان الماء منحصراً فيها وما إذا لم يكن فذهبوا إلى فساد الوضوء أو الغسل في الصورة الأولى وإلى صحته في الصورة الثانية.
اما الصورة الأولى فقد ذكروا ان أخذ الماء منها بما انه كان محرماً شرعاً فالمكلف وقتئذ فاقد للماء ، لما ذكرناه غير مرة من ان المستفاد من الآية المباركة بقرينة داخلية وخارجية هو ان المراد من وجدان الماء فيها وجوده الخاصّ ، وهو ما إذا تمكن المكلف من استعماله عقلا وشرعاً ، وفي المقام وان تمكن من استعماله عقلا وتكويناً ، ولكنه لا يتمكن منه شرعاً والممنوع الشرعي كالممتنع العقلي. فاذن وظيفته هي التيمم.
اما الصورة الثانية فلأن الوضوء أو الغسل مشروع في حقه ، لفرض انه واجد للماء ، غاية الأمر انه قد ارتكب مقدمة محرمة وهي ـ أخذ الماء من الأواني ـ