وأما ما ذكره من ان الخبر الموافق للقوم لا يكون حجة مع وجود الخبر المخالف لهم فهو من الغرائب ، ضرورة ان مجرد وجود الخبر المخالف لهم لا يوجب كون الموافق غير حجة ، لأن الأحكام الموافقة لهم في نفسها كثيرة جداً. وعليه فيحتمل ان يكون الخبر الموافق لهم هو الحكم الواقعي دون المخالف ، وهذا واضح.
وأما الدعوى الثانية فلأن الترجيح بغيرهما لم يرد في دليل معتبر ، وعلى تقدير وروده في دليل معتبر ليس من جملة المرجحات ـ هنا ـ بيان ذلك : أما الشهرة لم تذكر فيما عدا المرفوعة والمقبولة اما المرفوعة فهي ضعيفة سنداً ، بل غير موجودة في الكتب المعتبرة ، ولذا ناقش في سندها صاحب الحدائق ـ قده ـ الّذي ادعى القطع بصدور الروايات الموجودة في الكتب الأربعة ، وغيرها من الكتب المعتبرة وأما المقبولة فهي وان كان الأصحاب يتلقونها بالقبول ، الا انها أيضا ضعيفة سنداً بعمر ابن حنظلة حيث لم تثبت وثاقته ، ومع الغض عن سندها فالمذكور فيها هو الأخذ بالمجمع عليه. ومن المعلوم ان المراد منه هو الخبر الّذي أجمع الأصحاب على روايته عن المعصومين عليهمالسلام ، وصدوره منهم. وعلى هذا فالمراد منه هو الخبر القطعي الصدور ، فاذن تقديمه على الشاذ ليس من باب الترجيح ، كما هو ظاهر.
ومن هنا يظهر حال صفات الراوي كالأعدلية والأفقهية والأوثقية ونحوها أيضاً ، فان الترجيح بها لم يذكر في غير المقبولة والمرفوعة من الاخبار العلاجية.
أما المرفوعة فقد عرفت حالها. وأما المقبولة فمع الغض عن سندها لم تجعل الترجيح بالصفات من مرجحات الروايتين ، وانما جعلت الترجيح بها من مرجحات الحكمين حيث قال عليهالسلام الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما إلخ.
وأما الدعوى الثالثة فلان موضوع الترجيح في الاخبار العلاجية خصوص الخبرين المتعارضين ، فالتعدي منهما إلى غيرهما يحتاج إلى دليل ، وحيث لا دليل عليه فلا بد من الاقتصار عليهما ، فان الدليل الخارجي مفقود على الفرض ، وروايات الترجيح لا إطلاق فيها ولا عموم ، فاذن لا يمكن رفع اليد عن مقتضى الأصل