الطهارة المائية والوقت فتقع المعارضة بين دليليهما
فالنتيجة ان هذا الفرع أيضا ليس من صغريات الكبرى المتقدمة.
وقد تحصل مما ذكرناه ان ما ذكره ـ قده ـ من الفروع الثلاثة ليس شيء منها صغرى للكبرى التي ذكرها ، وهي تقديم ما ليس له بدل على ماله بدل ولا تنطبق تلك الكبرى على شيء منها.
نعم النتيجة في الفرع الأخير بعينها هي النتيجة التي ذكرها ـ قده ـ وهي تقديم ما لا بدل له على ماله بدل ـ ولكن بملاك آخر ، لا بالملاك الّذي أفاده.
بيان ذلك هو ان الله تعالى جعل في كتابه العزيز للصلوات الخمس أوقاتاً خاصة بحسب المبدأ والمنتهى بقوله : «وأقيموا الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل» وقد وردت في الروايات ان وقت صلاتي الظهرين من دلوك الشمس إلى غروبها ، ووقت العشاءين من الغروب إلى غسق الليل ، ووقت صلاة الصبح من أول الفجر إلى طلوع الشمس ، فهذه هي أوقات الصلوات الخمس ، ولا يرضى الشارع بتأخيرها عنها آنا ما ، بل هي غير مشروعة في ما عدا تلك الأوقات ، الا فيما إذا قام دليل خاص على المشروعية كما في القضاء أو نحوه. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى انه تعالى قد جعل الطهارة من الحدث شرطاً مقوماً لها بقوله : «إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وان كنتم جنباً فاطهروا وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً» فجعل في هذه الآية المباركة الطهارة من الحدث شرطاً للصلاة ، وقد ذكرنا انها من أركان الصلاة وبانتفائها تنتفي ، ولذا ورد ان الصلاة على ثلاثة أثلاث ثلث منها الركوع وثلث منها السجود وثلث منها الطهور.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي ان الطهارة شرط لتلك الصلوات التي عينت لها أوقات معينة ، وانه يجب على المكلف الإتيان بها في تلك الأوقات مع الطهارة المائية ان كان واجداً للماء ، ومع الطهارة الترابية ان كان فاقداً لها وقد ذكرنا