وجوب الحج على هذا ليس مشروطاً بالقدرة شرعا ، بل هو مشروط بوجدان الزاد والراحلة وأمن الطريق ، فعند وجود هذه الأمور واجتماعها يجب الحج ، كان هناك واجب اخر في عرضه أم لم يكن.
__________________
ـ منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال : وان كان موسراً وحال بينه وبين الحج مرض أو حصر أو امر يعذره الله فيه ، فان عليه ان يحج عنه من ماله صرورة لا مال له ، وغيرها من الروايات والنصوص.
نعم لو كنا نحن وهاتين الصحيحتين ولم تكن هناك روايات أخر تدل على عدم سقوط وجوب الحج عن المكلف بتعذره عليه بمرض أو نحوه لقلنا بكونها شرطاً له على الإطلاق لتكون نتيجته سقوطه بتعذره ، ولكن عرفت ان الأمر ليس كذلك ، وانه لا يسقط بسقوطه وتعذره.
وبتعبير آخر : ان صحة البدن شرط لوجوب أداء فريضة الحج على المكلف مباشرة لا مطلقاً ، بمعنى انه لو كان صحيحاً في بدنه وجب عليه إتيانها بالمباشرة ، فلا تشرع في حقه الاستنابة ، والصحيحتان المذكورتان ناظرتان إلى شرطيتها من هذه الجهة ، واما إذا لم يكن صحيحاً في بدنه فتجب عليه الاستنابة ، لدلالة جملة من الروايات على ذلك كما عرفت.
ونتيجة ما ذكرناه هي : ان صحة البدن ليست شرطاً لوجوب الحج على الإطلاق لتكون نتيجته سقوط وجوبه بفقدانها ، وانما هي شرط له على نحو المباشرة. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان الاستطاعة في الصحيحتين الأخيرتين وان فسرت بقوله عليهالسلام : (يكون له ما يحج به) ، الا ان الظاهر ان هذا التفسير ليس تفسيراً مغايرا لتفسيرها في الصحيحتين الأوليين ، بل هو عبارة أخرى عن تفسيرها بوجدان الزاد والراحلة مع أمن الطريق. والوجه فيه واضح وهو ان قوله عليهالسلام (يكون له ما يحج به) ظاهر في ان يكون للمكلف ما يتمكن بسببه من أداء فريضة الحج فعلا. ومن الواضح جداً انه لا يتحقق الا بملكه الزاد والراحلة مع أمن الطريق ، إذ مع تحقق هذه الأمور ووجدانها يتمكن من أداء تلك الفريضة فعلا وإلا فلا.
ثم انه لا يخفى انه يعتبر في وجوب فريضة الحج امر آخر أيضاً زائداً على الأمور