اختصاص الملاك بالفعل المقدور ، وهو لا يلائم ما ذكره هناك من التفرقة بين اعتبار القدرة في متعلق التكليف شرعا واعتبارها فيه باقتضاء نفس التكليف أو من جهة حكم العقل به من باب قبح تكليف العاجز ، كما عرفت.
فالصحيح في المقام ان يقال : ان الدليل على اشتراط وجوب الوفاء بالنذر وأشباهه بالقدرة شرعا هو ما دل على تقييده بعدم كونه مخالفاً للكتاب أو السنة مرة وبعدم كونه محللا للحرام مرة أخرى.
ونتيجة ذلك انها لا تنعقد إذا كان الوفاء بها مستلزما لترك واجب أو فعل محرم ، لانطباق عنوان محلل الحرام عليه من الواضح ان هذا عين اعتبار القدرة في متعلقه شرعا ، وقد تبين لحد الآن ان الصحيح في وجه اشتراط وجوب الوفاء بالقدرة شرعا هو ما ذكرناه ، لا ما ذكره شيخنا الأستاذ ـ قده ـ كما مر.
واما النقطة السادسة (وهي ان الاكتفاء في صحة النذر برجحان متعلقه في مقام العمل ولو باعتبار تعلق النذر به يستلزم جواز تحليل المحرمات بالنذر) فيردها ان ما ذكره السيد ـ قده ـ في العروة لا يستلزم ما أفاده ، والوجه فيه هو انه لا إشكال في اعتبار رجحان متعلق النذر في صحته ، وانه لا بد ان يكون راجحاً ولو من جهة تعلق النذر به. هذا من جانب.
ومن جانب آخر انه لا يمكن ان يقتضى وجوب الوفاء بالنذر رجحان متعلقه ، ضرورة استحالة اقتضاء الحكم لوجود شرطه وتحقق موضوعه في الخارج.
فالنتيجة على ذلك هي ان رجحان متعلق النذر مرة يكون باقتضاء ذاته مع قطع النّظر عن عروض أي عنوان عليه ، ومرة أخرى يكون بعروض عنوان خارجي طارئ عليه ، ولا يكون ذلك الا باقتضاء دليل خارجي ولا ثالث لهما ، بمعنى ان الشيء إذا لم يكن في نفسه راجحاً ، فصحة تعلق النذر به تحتاج إلى دليل من الخارج يدل على صحة النذر الكاشفة عن طروء الرجحان عليه ، فان دل دليل على صحته كما هو الحال في الإحرام قبل الميقات والصوم في السفر حيث قد قام الدليل