أسبق زماناً من الآخر فان العبرة بذلك انما هي بتقديم أحد الواجبين على الآخر زماناً كما مر ، ولا عبرة بتقديم سبب وجوب أحدهما على سبب وجوب الآخر أو بتقديم حدوث وجوب أحدهما على حدوث وجوب الآخر بعد كونه مزاحماً به بقاء.
الثالث ـ انه لو تنزلنا عن ذلك أيضاً وسلمنا ان وجوب الوفاء بالنذر وما شاكله مقدم على وجوب الحج زماناً فمع ذلك لا وجه لتقديمه عليه ، وذلك لما عرفت من الوجهين المتقدمين ، ونتيجتهما هي ان حصول الاستطاعة في زمن متأخر كاشف عن بطلان النذر من الأول وعدم انعقاده.
ومن ذلك البيان قد ظهر فساد ما ذهب إليه جماعة منهم صاحب الجواهر ـ قده ـ من تقديم وجوب الوفاء بالنذر وأشباهه على وجوب الحج بملاك ان النذر مقدم عليه زماناً ، فيكون رافعاً للاستطاعة ، ولا عكس.
أو فقل ان وجوب الوفاء به مطلق ووجوب الحج مشروط فلا يمكن ان يزاحم الواجب المشروط الواجب المطلق. ووجه فساده ما عرفت من منع ذلك صغرى وكبرى ، فلا حاجة إلى الإعادة.
ثم انه من الغريب ما صدر عن السيد الطباطبائي ـ قده ـ في العروة في المسألة (٣٠) من مسائل الحج وإليك نصّ كلامه : «إذا نذر قبل حصول الاستطاعة ان يزور الحسين عليهالسلام في كل عرفة ، ثم حصلت لم يجب عليه الحج ، بل وكذا لو نذر ان جاء مسافره ان يعطى الفقير كذا مقداراً فحصل له ما يكفيه لأحدهما بعد حصول المعلق عليه ، بل وكذا لو نذر قبل حصول الاستطاعة ان يصرف مقدار مائة ليرة ـ مثلا ـ في الزيارة أو التعزية أو نحو ذلك ، فان هذا كله مانع عن تعلق وجوب الحج به وكذا إذا كان عليه واجب مطلق فوري قبل حصول الاستطاعة ، ولم يمكن الجمع بينه وبين الحج ، ثم حصلت الاستطاعة ، وان لم يكن ذلك الواجب أهم من الحج ، لأن العذر الشرعي كالعقلي في المنع من الوجوب. وأما لو حصلت الاستطاعة أولا ، ثم حصل واجب فوري آخر لا يمكن الجمع بينه وبين