ونظرية شيخنا الأستاذ ـ قده ـ ضرورة انه لا أثر لفعلية الوجوب ما عدا كشفه عن اشتماله (أي الواجب المتأخر) على الملاك في ظرفه ، وإذا علمنا بتحقق الملاك فيه واشتماله عليه فلا أثر لفعلية الوجوب وعدمها. واما إذا ـ لم يعلم من الخارج بوجود الملاك فيه ، كما إذا لم تكن قرينة خارجية تدل عليه ، والمفروض انه ليس هنا قرينة داخلية أيضا ، وهي ثبوت الوجوب ، فلا يمكن عندئذ استكشاف الملاك في شيء ، لما ذكرناه غير مرة من انه لا طريق لنا إلى إحراز الملاك في فعل مع قطع النّظر عن ثبوت الحكم له ـ فلا وجه لتقديمه على الواجب الفعلي ، ضرورة انه مع عدم إحراز الملاك فيه في ظرفه لا يحكم العقل باحتفاظ القدرة عليه ، وبدون حكمه فلا مانع من امتثال الواجب الفعلي أصلا ، ففي مثل تلك الموارد تفترق نظريتنا عن نظرية شيخنا الأستاذ ـ قده ـ فعلى نظريتنا بما ان الوجوب فعلى ، والواجب أمر متأخر فهو لا محالة يكشف عن وجود الملاك فيه وكونه تاماً ، وإلا لم يعقل كون وجوبه فعلياً. وعلى نظريته ـ قده ـ حيث انه لا وجوب فعلا فلا كاشف عن كونه واجداً للملاك في وقته. وعليه فلا وجه لتقديمه على المهم وهو الواجب الفعلي.
وقد تحصل مما ذكرناه ان تقديم الأهم على المهم إذا كان متأخراً عنه زماناً منوط ـ على نظرية شيخنا الأستاذ ـ قده ـ بإحراز الملاك فيه من الخارج ، وإلا فلا يمكن الحكم بالتقديم أصلا ، بل يتعين العكس كما لا يخفى ، وكيف كان فعلى فرض كونه مشتملا على الملاك في ظرفه يتقدم على المهم لا محالة ، ولو كان متأخرا عنه زماناً ، وكلامنا في المقام على نحو الفرض والتقدير ، والكبرى الكلية من دون نظر إلى مصاديقها وافرادها.
هذا ، ولكن شيخنا الأستاذ ـ قده ـ هنا قد مثل لذلك أي لتزاحم الواجبين الطوليين يكون كل منهما مشروطاً بالقدرة عقلا بما إذا لم يكن المكلف متمكناً من القيام في جزءين طوليين من الصلاة. ولا يخفى ما في هذا المثال.