إلا انه امر آخر بالتحليل ، ضرورة ان الأمر الأول المتعلق بالمجموع المركب قد سقط يقيناً من جهة تعذر جزء منه ، ولا يعقل بقاؤه في هذا الحال ـ كما مر ـ ومع سقوطه لا محالة تسقط الأوامر الضمنية المتعلقة باجزائه. وعليه فلا محالة نشك في هذا الفرض وما شاكله في ان الأمر المجعول ثانياً للباقي هل هو مجعول للمركب من هذا أو ذاك يعنى ان الشارع في هذا الحال جعل هذا جزء أو ذاك فيكون الشك في أصل المجعول في هذا الحال. ومن المعلوم انه لا يعقل فيه التزاحم ، ولا موضوع له ، ضرورة انه إنما يعقل فيما إذا كان أصل المجعول لكل منهما معلوماً ، وكان التنافي بينهما في مقام الامتثال ، لا في مثل المقام ، كما لا يخفى.
فقد أصبحت النتيجة بوضوح انه لا فرق في عدم جريان التزاحم بين جزءين أو شرطين أو جزء وشرط من واجب واحد بين ان يكون الأمر متعلقاً به بعنوان كون اجزائه مقدورة ، وان يكون متعلقاً به على نحو الإطلاق بلا تقييد بحالة خاصة دون أخرى.
نعم فرق بينهما في نقطة أجنبية عما هو ملاك التزاحم والتعارض بالكلية وهي ان ثبوت الأمر بالباقي هنا مقتضى نفس تخصيص جزئية أجزائه بحال القدرة ـ كما عرفت ـ وهناك يحتاج إلى دليل خارجي يدل عليه وإلا فلا وجوب له ، نعم قد ثبت في خصوص باب الصلاة وجوب الباقي بدليل وهو ما دل على ان الصلاة لا تسقط بحال ، بل الضرورة قاضية بعدم جواز ترك الصلاة في حال ، إلا لفاقد الطهورين على ما قويناه ، ومع قطع النّظر عن ذلك تكفينا الروايات الخاصة الدالة على وجوب الإتيان بالصلاة جالساً إذا لم يتمكن من القيام ، وعلى وجوب الإتيان بها بغير الاستقبال إلى القبلة إذا لم يتمكن منه ، وعلى وجوب الإتيان في الثوب النجس أو عارياً على الخلاف في المسألة ، وغير ذلك ، فهذه الروايات قد دلت على وجوب الإتيان بالباقي وانه لا يسقط ، والساقط إنما هو الأمر المتعلق بالمجموع المركب من الجزء أو القيد المتعذر ، فلو لم يتمكن المصلى من القيام ـ مثلا ـ وجبت