تكون الداخل في مسمى الصلاة المرتبة العليا من الأركان مع الطهور الجامع بين المائية والترابية فحسب ، وعلى هذا فإذا دار الأمر بين سقوط تلك المرتبة وسقوط الطهارة المائية تسقط الطهارة المائية ، لفرض ان اعتبارها عندئذ متفرع على ثبوتها ، لا في عرضها ، لدلالة الآية الكريمة وقتئذ على وجوب الإتيان بها مع الطهارة المائية في فرض وجدان الماء ، ومع الطهارة الترابية في فرض فقدانه ، إلا انك عرفت أن تلك النقطة خاطئة وغير مطابقة للواقع وان الصلاة موضوعة للجامع بين مراتبها لا غير.
وعليه ففي مسألتنا هذه وما شاكلها على وجهة نظر من يرى انها داخلة في كبرى باب التعارض ، فلا بد من الرجوع إلى قواعد ذلك الباب على ما تقدم بصورة مفصلة وعلى وجهة نظر من يرى انها داخلة في كبرى باب التزاحم ، فلا بد من الرجوع إلى مرجحات وقواعد ذلك الباب ، كالسبق الزماني والأهمية ونحوهما.
اما الأول (وهو السبق الزماني) فان كان موجوداً بان يكون أحدهما سابقاً على الآخر زماناً فلا مانع من الترجيح به ، وذلك لما ذكرناه من أن السبق الزماني مرجح في الواجبين المتزاحمين يكون كل منهما مشروطاً بالقدرة شرعاً ، والمفروض ان كل مرتبة من مراتب الأركان مشروطة بالقدرة شرعاً ، وان كانت الأركان بتمام مراتبها مشروطة بها عقلا ، فاذن يقدم ما هو الأسبق زماناً على الأخرى.
واما الثاني (وهو الأهمية) فالظاهر انه مفقود في المقام ، وذلك لأنا لم نحرز ان المرتبة العالية من الركوع مثلا أهم من المرتبة العالية من الطهور وبالعكس ، كما هو واضح ، نعم احتمال كون المرتبة العالية منه أهم منها موجود ، ولا مناص عنه ، ولا سيما بالإضافة إلى المرتبة العالية من الركوع والسجود ، وذلك لأنا نستكشف من جعل الشارع التراب أحد الطهورين ان المصلحة القائمة بالطهارة الترابية ليست أدون بكثير من المصلحة القائمة بالطهارة المائية ، وهذا بخلاف المرتبة الدانية من الركوع والسجود ، وهي الإيماء ، فان المصلحة الموجودة فيه أدون بكثير من المصلحة الموجودة فيهما ، كما لا يخفى. وعليه فلا بد من تقديمها على الطهارة المائية ، لما تقدم مفصلا من ان