فيه القول بالاقتضاء وعدمه ، ضرورة ان الأمر بشيء لو لم يقتض النهي عن ضده فلا شبهة في انه يقتضى عدم الأمر به ، لاستحالة تعلق الأمر بالضدين معاً ، فإذا كانت العبادة المضادة غير مأمور بها فعلا فلا محالة تقع فاسدة ، لفرض ان صحة العبادة مشروطة بكونها مأموراً بها ، وبما انه لا أمر في المقام على الفرض فلا صحة لها لانتفائها بانتفاء شرطها.
ثانيهما ـ ما عن جماعة منهم شيخنا الأستاذ (قده) من صحة العبادة مطلقاً حتى على القول باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده. والوجه في ذلك هو ان صحتها على القول بعدم الاقتضاء واضحة ، لعدم المقتضى للفساد أصلا بناء على ما هو الصحيح من عدم اشتراط صحة العبادة بقصد الأمر ، بل المعتبر فيها هو إضافتها إلى المولى بنحو من أنحاء الإضافة. واما على القول بالاقتضاء فالعبادة كالصلاة ـ مثلا ـ وان كانت منهياً عنها إلا ان هذا النهي بما انه نهى غيري نشأ عن مقدمية تركها أو عن ملازمته لفعل المأمور به في الخارج ولم ينشأ عن مفسدة في متعلقه فلا يكون موجباً للفساد. ومن هنا قالوا : ان مخالفة الأمر والنهي المقدميين لا توجب بعداً.
وسر ذلك ما سبق من أن النهي الغيري المقدمي لا يكشف عن وجود مفسدة في متعلقه وكونه مبغوضاً للمولى لئلا يمكن التقرب به ، فان المبعد لا يمكن التقرب به.
وعلى ضوء ذلك فالعبادة باقية على ما كانت عليه من المصلحة والمحبوبية الذاتيّة الصالحة للتقرب بها ، والنهي المتعلق بها ـ بما انه غيري ـ لا يمنع عن التقرب بها.
وعلى الجملة فبناء على ما هو الصحيح من عدم اشتراط صحة العبادة بقصد الأمر وكفاية قصد الملاك فصحتها عندئذ تدور مدار تحقق الملاك بلا فرق بين القول بالاقتضاء والقول بعدمه ، وبما انها واجدة للملاك على كلا القولين فهي تقع صحيحة ، اذن فلا ثمرة.
أقول : اما الإيراد الأول ـ فيردّه : ما ذكرناه في بحث التعبدي والتوصلي