وبعبارة أخرى : ان ظهور الكلام في مدلوله الالتزامي وان كان مغايراً لظهوره في مدلوله المطابقي ، إلا أن ظهوره في ثبوت المدلول الالتزامي ليس على نحو الإطلاق ، بل هو ظاهر في ثبوت حصة خاصة منه ، وهي الحصة الملازمة للمدلول المطابق ـ مثلا ـ الاخبار عن ملاقاة الثوب للبول وان كان اخباراً عن نجاسته أيضاً إلا انه ليس اخباراً عن نجاسته على الإطلاق بأي سبب كان ، بل اخبار عن حصة خاصة من النجاسة ، وهي الحصة الملازمة لملاقاة البول ، بمعنى انه اخبار عن نجاسته المسببة عن ملاقاته للبول في مقابل نجاسته المسببة لملاقاته للدم أو نحوه ، فإذا قيل ان هذا الثوب نجس يراد به انه نجس بالنجاسة البولية ، وعندئذ إذا ظهر كذب البينة في اخبارها بملاقاة الثوب للبول فلا محالة يعلم بكذبها في اخبارها بنجاسة الثوب المسببة عن ملاقاته للبول. واما نجاسته بسبب آخر وان كانت محتملة إلا انها نجاسة أخرى أجنبية عن مفاد البينة تماماً. وعليه فكيف يمكن الأخذ بالدلالة الالتزامية بعد سقوط الدلالة المطابقية.
ومن ذلك يظهر حال بقية الأمثلة وسائر الموارد. ومنها ما نحن فيه ، فان ما دل على وجوب فعل غير مقيد بالقدرة وان كان دالا على كونه ذا ملاك ملزم كذلك ، إلا ان دلالته على كونه ذا ملاك ليست على نحو الإطلاق ، حتى مع قطع النّظر عن دلالته على وجوبه ، بل هي بتبع دلالته على وجوب ذلك ، فيكون دالا على حصة خاصة من الملاك ، وهي الحصة الملازمة لذلك الوجوب في مقام الإثبات والكشف ، ولا يدل على قيام الملاك فيه على الإطلاق. وعليه فإذا سقطت دلالته على الوجوب من جهة مانع فلا تبقى دلالته على الملاك المسببة عن دلالته على الوجوب ، اذن لا علم لنا بوجود الملاك فيه ، فان العلم بالملاك كان بتبع العلم بالوجوب. وإذا سقط الوجوب فقد سقط العلم بالوجوب لا محالة ، فانه مسبب عنه ، ولا يعقل بقاء المسبب بلا سبب وعلة. ولا يفرق في ذلك بين سقوط الوجوب رأساً وبين سقوط إطلاقه.
وسره ما عرفت من ان الاخبار عن وجوب شيء اخبار عن وجود حصة