فلو قال المولى أكرم هذه العشرة وكان الوجوب وجوباً واحداً ثم علمنا من الخارج بخروج واحد من هذه العشرة ، وشككنا في خروج غيره فنرجع إلى العموم ونحكم بعدم الخروج.
والوجه في ذلك ان الدلالة على وجوب إكرام هذا المجموع تنحل في الواقع إلى دلالات ضمنية باعتبار كل جزء منه ، فإذا سقط بعض تلك الدلالات الضمنية فلا موجب لسقوط البقية. أو فقل ان الحكم في العموم المجموعي وان كان واحداً إلا ان ذلك الحكم الواحد إنما انقطع بالإضافة إلى جزء واحد ، وخروج سائر الاجزاء يحتاج إلى دليل ، وهذا بخلاف الدلالة الالتزامية فان المدلول الالتزامي بما انه لازم للمدلول المطابقي فلا يعقل بقاؤه بعد سقوطه كما عرفت.
واما بناء العقلاء وان جرى في باب الظهورات على ان التعبد بالملزوم يقتضى التعبد باللازم ولو مع عدم التفات المتكلم إلى الملازمة بينهما ، وعدم قصده الحكاية عنه ، إلا انه من الواضح ان هذا البناء أي البناء على ثبوت اللازم إنما هو في ظرف ثبوت الملزوم ، واما إذا سقط الملزوم من جهة مانع فلا بناء للعقلاء على ثبوت اللازم ، بداهة ان بناءهم على التعبد بثبوته متفرع على التعبد بثبوت الملزوم ، لا على نحو الإطلاق والسعة.
وان شئت فقل : انه لا ريب في عدم سقوط بعض الدلالات الضمنية عن الحجية بسقوط بعضها الآخر عنها ـ مثلا ـ إذا أخبرت بينة على ان زيداً مديون من عمرو عشرة دراهم ، ولكن عمراً قد اعترف بأنه ليس مديوناً بالعشرة ، بل هو مديون بخمسة فلا إشكال في حجية. البينة بالإضافة إلى الخمسة. أو قامت بينة على نجاسة الإناءين ، ولكن علمنا من الخارج بطهارة أحدهما من جهة إصابة المطر أو نحوه فائضاً لا إشكال في حجيتها بالإضافة إلى نجاسة الإناء الآخر.
وسر ذلك هو انه لا ملازمة ولا تبعية بين المداليل الضمنية بعضها بالإضافة إلى بعضها الآخر ، ضرورة ان أحدها ليس معلولا للآخر ولا علة له ولا معلولان