أقول : رجوع كلّ من الثانيين (١) إلى الآخر بحسب الموضع (٢) والمحل ممّا لا إشكال فيه ولا خفاء ، كعدم رجوع الثاني إلى الأول.
وإنّما الإشكال في الرابع ، والحقّ احتماله لكلّ من الأول والثالث ، لكون كلّ ظهرا ووسطا طوليا أو عرضيا وناتئا ، وإن كان ظهور النتو الواقع في بعض العبارات في المحسوس مؤيّدا للأول ، ولكن تعريف جمع من علماء التشريح الذين هم أهل الخبرة في المقام بالثالث مقيّدا بالناتئ ـ وديدن الفقهاء الرجوع في الموضوعات إلى أهل خبرتها ـ يضعّفه ، مع أن نتوّه أيضا محسوس سيما بالملامسة ، بل هو أرفع من القبة ، كما يظهر بعد نصب الساق.
وأمّا المعقد : فلا ظهور له في الأول ، بل الظاهر أنّ موضع عقد الشراك هو الوسط في العرض ، أي : يقع عقد الشراكين فيه دون القبة ، ولم يعلم أيضا أنّه كان يعقد تحت المفصل.
هذا ، ثمَّ إنّه استدلّ الأولون : بإجماع لغوي الخاصة وكثير من العامة ، سيما قول صاحب الصحاح : الكعب هو العظم الناشز في ظهر القدم عند ملتقى الساق والقدم ، ونسبه إلى الناس ما عدا الأصمعي (٣) ، بل قيل : الظاهر أنّه مذهب جميعهم (٤) ، لعدم الخلاف بينهم في تسمية ذلك كعبا ، وإنّما الخلاف في تسمية ما عداه به.
ودعوى جماعة من الفقهاء الإجماع عليه كما هو المحكي عن الانتصار ، والتبيان ، والخلاف (٥) ، والمجمع ، والمعتبر ، والمنتهى ، والغنية ، والذكرى (٦).
__________________
(١) يعني بهما الثاني والثالث فان المفصل والعظم الواقع في ملتقى الساق والقدم متحدان بحسب المحل.
(٢) التقييد به لان المفصل من حيث هو غير العظم المذكور الا أن موضعهما واحد ( منه ره ).
(٢) الصحاح ١ : ٢١٣.
(٣) الرياض ١ : ٢١.
(٤) الانتصار : ٢٨ ، التبيان ٣ : ٤٥٦ ، الخلاف ١ : ٩٢.
(٥) مجمع البيان ٢ : ١٦٧ ، المعتبر ١ : ١٥١ ، المنتهى ١ : ٦٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٣ ،