إبريق يريد أن يتهيّأ منه للصلاة ، فدنوت لأصبّ عليه ، فأبى ذلك وقال : « مه » فقلت : لم تنهاني أن أصبّ عليك ، تكره أن أوجر؟ قال : « تؤجر أنت وأوزر أنا » فقلت له : وكيف ذلك؟ فقال : « أما سمعت الله يقول ( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (١) وها أنا ذا أتوضّأ للصلاة وهي العبادة ، فأكره أن يشركني فيها أحد » (٢).
والمروي في الفقيه والعلل والمقنع : كان أمير المؤمنين عليهالسلام إذا توضّأ لم يدع أحدا يصبّ عليه الماء ، وقال : « لا أحب أن أشرك في صلاتي أحدا » (٣).
وفي إرشاد المفيد : « دخل الرضا عليهالسلام يوما والمأمون يتوضّأ للصلاة والغلام يصبّ على يده الماء ، فقال : « لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحدا » فصرف المأمون الغلام وتولّى تمام الوضوء بنفسه (٤).
لاحتمال أن يكون الصب على أعضاء الغسل الذي يحصل به الغسل.
مع أنّ في إثبات التحريم بها نظرا.
أمّا الأولان : فلأنّ غاية ما يدلاّن عليه منعه ـ عليهالسلام ـ عن الصب عليه ، وعدم رضاه به ، وهو لا يدلّ على حرمته شرعا ، فإنّ طلبه لترك الصب حتما قد يكون لإرادته اجتنابه عن المكروه.
وأمّا قوله : « وأوزر » فالمراد منه ليس حقيقته التي هي الثقل ، فيمكن أن يكون مجازه ارتكاب المكروه وحطّ الأجر ، فلا يدلّ على الحرمة.
وكذا قوله : « ولا يشرك » لأنّه وقع جزاء لرجاء اللقاء ، فلا يثبت منه شيء
__________________
(١) الكهف : ١١٠.
(٢) الكافي ٣ : ٦٩ الطهارة ب ٤٦ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٦٥ ـ ١١٠٧ ، الوسائل ١ : ٤٧٦ أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ١.
(٣) الفقيه ١ : ٢٧ ـ ٨٥ ، علل الشرائع : ٢٧٨ ـ ١ ، المقنع : ٤ ، الوسائل ١ : ٤٧٧ أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ٢.
(٤) إرشاد المفيد ٢ : ٢٦٩ ، الوسائل ١ : ٤٧٨ أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ٤.