تحقّق دليل ولا ثبوت إجماع على خلافه.
وإن علم أنه قبل الصلاة ، فيعيدهما معا ، لأنّ هنا شكّا في البطلان متعلّقا بكلّ من الصلاتين ، وقطعا فيه متعلّقا بواحد لا بعينه. والأوّل وإن لم يلتفت إليه لكونه بعد الفراغ ، ولكن الثاني لكونه قطعا يلتفت إليه قطعا ، نظير ثلاثة أوان مشتبهة ، واحد منها نجس ، فيجتنب عن الكلّ وإن لم يجتنب عن غير واحد.
فاللازم النظر فيما يستتبع ذلك القطع ، ومقتضاه : إعادة الصلاتين ، لأنّه مقتض للقطع باشتغال الذمة بصلاة معيّنة واقعا وإن لم يعلمها بعينها ، ولا يحصل القطع بالبراءة بفعل واحد منهما ، فيستصحب ذلك الاشتغال حتى يأتي بهما معا.
وفي حكم ما إذا علم أنّه قبلها ما لو علم وقت الحدث بعينه دون الصلاة ، فبحكم أصالة تأخّر الحادث يحكم بتأخّر الصلاة.
ثمَّ لو كانت الصلاتان مختلفتين عددا ، أتى بهما جميعا.
وإن اتّفقتا ، فالأظهر الموافق لقول الأكثر : أنه يأتي بواحدة ناويا له ما في الذمة ، لأصالة البراءة عن الزائد ، لأنّ ما اشتغل به صلاة واحدة يقينا لا غير ، ولا دليل على الزائد إلاّ عدم تعيّنها في نظره ، وهو غير موجب للتعدّد بوجه ، ولا موجب له إلاّ عدم إمكان تعيّنها في النية ، وهو غير موجب لعدم لزومه ، إذ اشتراط التعيين لأجل التميّز وانطباق الفعل على المأمور به واقعا ، وهو هنا حاصل ، لاتّحاده وتعيّنه في الواقع وإن لم يتعيّن في نظر المكلّف.
ويؤيده أيضا : النص الدالّ على الاجتزاء بالثلاث لمن نسي فريضة مجهولة من الخمس (١).
وحسنة زرارة : « وإن نسيت الظهر حتى صلّيت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الأولى ثمَّ صلّ العصر ، فإنما هي أربع مكان
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٧٥ أبواب قضاء الصلوات ب ١١.