الاستبصار (١) ويدل عليه كلام السيّد ـ وتأيّده (٢) بصحيحة الحلبي : عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج أعليها غسل إن أنزل هو ولم تنزل هي؟ قال : « ليس عليها غسل ، وإن لم ينزل هو فليس عليه غسل » (٣) ، فإنّ الظاهر من الفرج هو القبل ، فيعم ما دونه الدبر أيضا ، بل يشعر به لفظ « الإصابة » أيضا ، وبما يأتي من الأخبار النافية للغسل عن المرأة (٤).
وعزل هذا الخاص عن مقاومة العام لشذوذه ، حيث إنّه لا يعلم العامل به إلاّ الديلمي ، والشيخ المفتي بخلافه في باقي كتبه ، وأما الصدوق والكليني ، فهما لم يصرّحا بعدم الوجوب وإن أوردا حديثه ، وهو لا يدلّ عليه وإن صرّحا بعدم إيرادهما إلاّ ما يفتيان بصحته ، مردود : بأنّ الشذوذ لا يحصل بعدم العلم بالعامل ، بل بالعلم بعدم العامل ، فعدم العلم بمخالفة الصدوق والكليني كاف في المقام ، سيما مع أنّ الظاهر موافقتهما لما مرّ ، مع أنّ العامل غير منحصر بهم ، لنقل الشيخ والسيد عن بعض الأصحاب أيضا.
وجعل الخبر الموافق لعمل ثلاثة بل خمسة من القدماء ـ مع احتمال عمل بعض آخر لم نعلمه ، وعدم مخالفة طائفة جمّة من المتأخّرين له ـ شاذا ، عجيب غايته.
هذا ، مضافا إلى أنّ أدلّة الوجوب لو تمّت ، لتعارضت مع مفهوم أخبار الالتقاء المتلقّاة بالقبول عند الجميع بالعموم من وجه ، فلو لا ترجيح المفهوم بمخالفة العامة ، لوجب الرجوع إلى الأصل.
__________________
(١) الاستبصار ١ : ١١٢.
(٢) مصدر معطوف على قوله : موافقة .. ، والضمير راجع إلى الخاص.
(٣) الفقيه ١ : ٤٧ ـ ١٨٥ ، التهذيب ١ : ١٢٤ ـ ٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ١١١ ـ ٣٧٠ ، الوسائل ٢ : ١٩٩ أبواب الجنابة ب ١١ ح ١.
(٤) في ص ٢٧٨.