وأمّا قوله في المرسلة : « قبل الغسل » فيمكن أن يكون خبرا ، ويكون الكلام فيها جملتين ، لا جملة واحدة.
وعلى أخبار غسل الحائض وأختيها : أنّ الظاهر من سياقها الحاجة إلى معرفة الرافع للأحداث الثلاثة وبيانه ، لا بيان غيره ، ولذا لم يذكر فيها سائر شرائط الصلاة من ستر العورة والاستقبال وغيرهما.
كما يرد على ما استدلّ به الأوّلون ـ ممّا يصرّح بأنّ في كلّ غسل وضوء ـ عدم دلالته على الوجوب ، ضرورة أنّه يحتاج إلى تقدير ، فالمقدّر كما يمكن أن يكون ما يفيد الوجوب ، يمكن أن يكون ما يفيد المشروعية.
وظهور التركيب في إرادة الوجوب ممنوع. ولو سلّم ، فهو من باب النقل الحادث ، الذي يكون الأصل تأخّره.
فلم يبق من أدلّتهم بعد العمومات ، غير الصحيحة والرضوي والنبوي. وهما وإن كانا بنفسهما غير معتبرين ، إلاّ أنّهما لانجبارهما بالشهرة العظيمة ، سيما القديمة ، بل الإجماع المنقول ، يعدّان من المعتبرة ، بل لا يقصران عن الصحاح في الحجية.
فيقع التعارض بين هذه الثلاثة وبين الأخبار النافية للوضوء. وهي وإن كانت راجحة من جهة المخالفة للعامة ، وأكثرية الرواية التي هي الشهرة بين الرواة ، والأحدثية ، وكلّ ذلك من المرجّحات المنصوصة ، ولكن للثلاثة أيضا رجحانا من جهة موافقة الآية التي هي من المرجّحات القوية وعمل معظم الفرقة.
مضافا إلى ضعف ترجيح الأولى بمخالفة العامة : بأنّ بعض الثانية أيضا كذلك ، لنفي الوضوء فيه عن غسل الجنابة ، وهو لا يوافق مذهب العامة. وبالأشهرية : بمنع بلوغ الأكثرية حدّا تثبت بها الأشهرية التي هي من المرجّحات المنصوصة.
فيحصل التكافؤ بين الفريقين ، وإذ لا قول بالتخيير في البين ، ترفع اليد عن كلّ من الصنفين ، وتبقى الآية وعمومات موجبات الوضوء خالية عن