سنة اثنين وثلاثين ومائتين ، وكان يوم الأربعاء يوم شكّ وصام أهل بغداد يوم الخميس ، وأخبروني أنّهم رأوا الهلال ليلة الخميس ولم يغب إلاّ بعد الشفق بزمان طويل ، قال : فاعتقدت أنّ الصوم يوم الخميس وأنّ الشهر كان عندنا ببغداد يوم الأربعاء ، قال : فكتب إليّ : « زادك الله توفيقا فقد صمت بصيامنا » ، قال : ثمَّ لقيته بعد ذلك فسألته عمّا كتبته به إليه ، فقال لي : « أولم أكتب إليك إنّما صمت الخميس ، ولا تصم إلاّ للرؤية؟! » (١).
والتقريب : أنّه وإن كان ما كتبه إلى الإمام عليهالسلام غير مصرّح به ، إلاّ أنّ ظاهر السياق يدلّ على أنّه كتب إليه بما ذكره من وقوع الشك في بغداد يوم الأربعاء ، إلى آخر ما في الخبر.
ثمَّ مع قطع النظر عن معلوميّة ما كتب إليه وأنّ المنقول عنه ما هو ، فإنّ أخباره في صدر الخبر بكونه عليهالسلام كتب إليه كتابا أرّخه بالتاريخ المشعر بكون أربعاء من شهر شعبان ـ وكذا جوابه بقوله « صمت بصيامنا » وكان صيامه يوم الخميس ، كما يدلّ عليه قوله : « أولم أكتب إليك إنّما صمت الخميس » مع إخبار الراوي بأنّ الهلال ليلة الخميس لم يغب إلاّ بعد الشفق بزمان طويل ـ ظاهر الدلالة على أنّ مغيب الهلال بعد الشفق لا يستلزم أن يكون لليلتين.
خلافا في الأول للمحكيّ في الخلاف عن شاذّ منّا (٢) ، وفي المنتهى عن بعض الجمهور ، لإيجابه الظن (٣) ، وقوله عزّ شأنه ( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (٤) ، والرجوع إلى النجوم في القبلة.
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٦٧ ـ ٤٧٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٨١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٩ ح ١.
(٢) الخلاف ٢ : ١٦٩.
(٣) المنتهى ٢ : ٥٨٨.
(٤) النحل : ١٦.