فمن الغريب بعد ذلك كله ميل المحدث البحراني لإطلاق القدماء المزبور محتجا بأنه كما يمكن تقييد النصوص الآتية بما إذا لم يكن الى ما بين المشرق والمغرب يمكن تقييد هذه النصوص بإرادة عدم الإعادة في خارج الوقت كما تضمنته النصوص الآتية من نفي الإعادة فيها ، فان بينها تعارض العموم من وجه ، إذ ما بين المشرق والمغرب وإن كان أخص من غير القبلة إلا أن تلك النصوص باعتبار اشتمالها على التفصيل بين الوقت وخارجه أخص من هذه النصوص المشتملة على نفي الإعادة مطلقا ، وترجيحها بأصل البراءة معارض بأصالة الشغل ، ثم انه تبجح بهذا الكلام وأخذ في تسجيعاته كما هي عادته.
وفيه انه لا يخفى عليك أولا الترجيح لهذه النصوص بالإجماعات وغيرها ، مضافا الى عدم قابلية بعضها للتنزيل المزبور ، لظهوره في نفي الإعادة في الوقت ، كصحيح ابن عمار (١) وغيره ، بل لا يقبله كل ما تضمن الحكم بكون ما بين المشرق والمغرب قبلة ، ضرورة عدم الوجه حينئذ لهذه المنزلة ، إذ نفي الإعادة في خارج الوقت يشترك فيها الجميع حتى الاستدبار على الأصح ، على أن صحيح زرارة الأخير شاهد للجميع بينها بإرادة غير ما بين المشرق والمغرب من غير القبلة فيها لاندارجه فيها ، بخلاف الجمع الذي ذكره ، ومعارضة أصل البراءة بعد ما عرفت من قاعدة الاجزاء وإطلاق أدلة الصلاة بأصالة الشغل كما ترى ، الى غير ذلك مما يظهر بأدنى تأمل ، وثانيا أن المراد بالعموم من وجه الذي يحتاج الى الترجيح كونه بين موضوعي الحكم لا أن أحدهما فيه والآخر في الموضوع ، ضرورة أنه لا يعقل أحد من قول القائل اضرب الجهلاء في الليل لا في النهار ولا تضرب زيدا منهم إلا التخصيص ، وبقاء حكم الخاص على إطلاقه ، سيما في المقام الذي لو سلمنا فيه عدم اختصاص لفظ الإعادة في النصوص بالتدارك في الوقت إلا أنه لا ريب في سبقه الى الذهن من أول الأمر ، بل قد يستنكر إطلاق نفي الإعادة مرادا منه خارج
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب القبلة الحديث ١.