بانتفاء ما يدل على الاجتزاء بإدراك اختياري عرفة خاصة ، مع أن الخلاف في المسألة متحقق ، فإن العلامة في المنتهى صرح بعدم الاجتزاء بذلك ، وهذه عبارته « ولو أدرك أحد الموقفين اختيارا وفاته الآخر مطلقا فان كان الفائت هو عرفات فقد صح حجه لإدراك المشعر ، وإن كان هو المشعر ففيه تردد ، أقربه الفوات » وقال في التحرير : « ولو أدرك أحد الاختياريين وفاته الآخر اختيارا واضطرارا فان كان الفائت هو عرفة صح الحج ، وإن كان هو المشعر ففي إدراك الحج إشكال » ونحوه في التذكرة ، فعلم من ذلك أن الاجتزاء بإدراك اختياري عرفة ليس إجماعيا كما ذكره الشارح ، وأن المتجه فيه عدم الاجتزاء ، لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ، وانتفاء ما يدل على الصحة مع هذا الإخلال.
قلت : قد نفى عنه الخلاف في التنقيح أيضا ، وعن جماعة نسبته إلى الشهرة منهم المحدث المجلسي رحمهالله والسيد نعمة الله الجزائري في شرح التهذيب وشارح المفاتيح ، بل عن الأخير عن بعضهم الإجماع عليه ، وفي الذخيرة والمختلف أنه المعروف بين الأصحاب ، بل في الرياض أنه عزاه في الذخيرة إليهم مشعرا بعدم خلاف فيه ، كما هو ظاهر المختلف والدروس أيضا ، بل ستسمع تصريح المصنف والفاضل في القواعد وغيرهما بعدم بطلان الحج مع نسيان الوقوف بالمشعر إن كان قد وقف بعرفة ، كالمحكي عن السرائر والجامع والإرشاد والتبصرة والدروس واللمعة وغيرها ، بل هو صريح الفاضل في التحرير والمنتهى أيضا ، فيكون رجوعا عن الأول ، وبه يتم نفي الخلاف حينئذ.
كل ذلك مضافا الى النبوي (١) « الحج عرفة » والمروي (٢) في طرقنا
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب إحرام الحج ـ الحديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب إحرام الحج ـ الحديث ٩.