لما في القرآن من الإعجاز والحكم الدالّ على كمال القدرة الكاملة والحكمة البالغة.
(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ) صفات أخر لتحقيق ما في القرآن من الترغيب والترهيب ، والحثّ على ما هو المقصود منه. والإضافة فيها حقيقيّة ، لأنّه لم يرد بها زمان مخصوص من ماض ومضارع ، بل إنّما أريد ثبوت ذلك ودوامه ، فكان حكمها حكم : إله الخلق وربّ العرش. فيوافق موصوفها ، لإفادتها التعريف.
و «شديد العقاب» وإن كان في تقدير النكرة ـ أعني : شديد عقابه ، لا ينفكّ من هذا ـ ولكن يؤول إلى : الشديد عقابه ، فحذف اللام ليزاوج ما قبله وما بعده لفظا. وقد غيّروا كثيرا من كلامهم عن قوانينه لأجل الازدواج.
أو أبدال (١). وجعل «شديد العقاب» وحده بدلا مشوّش للنظم.
وتوسيط الواو بين الأوّلين لإفادة الجمع بين محو الذنوب وقبول التوبة.
أو لتغاير الوصفين ، إذ ربما يتوهّم الاتّحاد. أو لتغاير موقع الفعلين ، لأنّ الغفر هو الستر ، فيكون لذنب باق ، وذلك لمن لم يتب ، فإنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والتّوب مصدر ، كالتوبة. وهو والثّوب والأوب أخوات في معنى الرجوع. وقيل : جمع التوبة. والطّول : التفضّل بترك العقاب المستحقّ. يقال : طال عليه وتطوّل إذا تفضّل. وفي توحيد صفة العذاب مغمورة بصفات الرحمة دليل رجحانها.
روي عن ابن عبّاس أنّه قال : «غافر الذنب» لمن قال : لا إله إلّا الله. «شديد العقاب» لمن لم يقل : لا إله إلّا الله. «ذي الطول» ذي الغنى عمّن لم يقل.
__________________
(١) عطف على قوله : صفات أخر ... ، في بداية الفقرة السابقة.