غرلا» (١). أو ظاهرة نفوسهم ، لا تحجبهم غواشي الأبدان الكثيفة. أو أعمالهم وسرائرهم.
(لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) من أعيانهم وأعمالهم. وهذا تقرير لقوله : «هم بارزون» ، وإزاحة لنحو ما يتوهّم في الدنيا. يعني : أنّهم كانوا يتوهّمون في الدنيا إذا استتروا بالحيطان والحجب أنّ الله لا يراهم ، وتخفى عليه أعمالهم ، فهم اليوم صائرون من البروز والانكشاف إلى حال لا يتوهّمون فيها مثل ما كانوا يتوهّمونه. قال الله تعالى : (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٢).
(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) فيقرّ المؤمنون والكافرون (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) وهذا حكاية لما يسأل عنه في ذلك اليوم ، ولما يجاب به. ومعناه : أنّه ينادي مناد فيقول : لمن الملك اليوم. فيجيبه أهل المحشر : لله الواحد القهّار.
وقيل : يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد بأرض بيضاء ، كأنّها سبيكة فضّة لم يعص الله فيها قطّ ، فأوّل ما يتكلّم به أن ينادي مناد : لمن الملك اليوم لله الواحد القهّار.
وقال القرظي : يقول الله تعالى ذلك بين النفختين حين يفني الخلائق كلّها ، ثمّ يجيب نفسه ، لأنّه بقي وحده.
ويضعّف هذا القول ، إذ بيّن أنّه يقول ذلك يوم التلاق ، يوم يبرز العباد فيه من قبورهم. وإنّما خصّ ذلك اليوم بأنّ له الملك فيه ، لأنّه قد ملك العباد بعض الأمور في الدنيا ، ولا يملك أحد شيئا ذلك اليوم. أو حكاية لما دلّ عليه ظاهر الحال فيه من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط ، وأمّا حقيقة الحال فناطقة بذلك دائما.
ولمّا قرّر أنّ الملك لله وحده في ذلك اليوم ، عدّد نتائج ذلك بقوله : (الْيَوْمَ
__________________
(١) غرل جمع أغرل ، وهو الصبي الذي لم يختن.
(٢) فصلت : ٢٢.