الْأَسْبابَ) الطرق. وكلّ ما أوصلك إلى شيء فهو سبب إليه.
(أَسْبابَ السَّماواتِ) بيان لها. وفي إبهامها ثمّ إيضاحها تفخيم لشأنها ، وتشويق للسامع إلى معرفتها ، فإنّه لمّا كان بلوغها أمرا عجيبا ، أراد أن يورده على نفس متشوّفة (١) إليه ، ليعطيه السامع حقّه من التعجّب ، فأبهمه ليشوّف إليه نفس هامان.
ثمّ أوضحه (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) عطف على «أبلغ». وقرأ حفص بالنصب ، على جواب الترجّي. ولعلّه أراد أن يبني له رصدا في موضع عال ، يرصد منه أحوال الكواكب ، الّتي هي أسباب سماويّة تدلّ على الحوادث الأرضيّة ، فيرى هل فيها ما يدلّ على إرسال الله إيّاه؟! أو أن يرى فساد قول موسى ، بأنّ إخباره من إله السماء يتوقّف على اطّلاعه ووصوله إليه ، وذلك لا يتأتّى إلّا بالصعود إلى السماء ، وهو ممّا لا يقوى عليه الإنسان. وذلك لجهله بالله ، وكيفيّة استنبائه.
(وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) في دعوى الرسالة (وَكَذلِكَ) ومثل ذلك التزيين (زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) سبيل الرشاد. ومزيّنه هو الشيطان بوسوسته ، كقوله : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) (٢). أو الله على وجه التخلية ، فإنّه مكّن الشيطان وأمهله. ومثله : (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) (٣).
وقرأ الحجازيّان والشامي وأبو عمرو : وصدّ ، على أنّ فرعون صدّ الناس عن الهدى بأمثال هذه التمويهات والشبهات. ويؤيّده (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ)
__________________
(١) تشوّف إلى الشيء : تطلّع إليه.
(٢) النمل : ٢٤ و٤.
(٣) النمل : ٢٤ و٤.