تبع ، على إضمار مضاف ، بمعنى : أتباع. أو وصف بالمصدر تجوّزا. (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ) بالدفع أو الحمل ، فإنّه يلزم الرئيس الدفع أو الحمل عن أتباعه والمنقادين لأمره. و «نصيبا» مفعول به لما دلّ عليه «مغنون عنّا» من معنى الدفع أو الحمل. أو مصدر ، كشيئا في قوله : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) (١). و «من» صلة «مغنون».
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌ) التنوين عوض عن المضاف إليه. والتقدير : كلّنا. يعني : نحن وأنتم. (فِيها) في النّار ، فكيف نغني عنكم؟! ولو قدرنا لأغنينا عن أنفسنا. و «كلّ فيها» مبتدأ وخبر في موضع رفع بأنّه خبر «إنّ». والمعنى : إنّا مجتمعون في النار. (إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) بأن أدخل أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النار النار ، ولا معقّب لحكمه. أو بأن لا يتحمّل أحد عن أحد ، وأنّه يعاقب من أشرك به وعبد معه غيره لا محالة.
(وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ) أي : المتبوعون والأتباع (لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ) لقوّام تعذيب أهل النار. ووضع جهنّم موضع الضمير للتهويل ، أو لبيان محلّهم فيها ، إذ يحتمل أن تكون جهنّم أبعد دركاتها قعرا ، من قولهم : بئر جهنّام بعيدة القعر ، وفيها أعتى الكفّار وأطغاهم ، فلعلّ الملائكة الموكّلين بعذاب أولئك أقرب إجابة للدعوة ، لزيادة قربهم من الله ، فلهذا تعمّدهم أهل النار بطلب الدعوة منهم. (ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً) قدر يوم (مِنَ الْعَذابِ) شيئا من العذاب. ويجوز أن يكون المفعول «يوما» بحذف المضاف ، و «من العذاب» بيانه.
(قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي : بالحجج والدلالات الواضحة على صحّة التوحيد والنبوّات. أرادوا به إلزامهم للحجّة ، وتوبيخهم على إضاعتهم أوقات الدعاء ، وتعطيلهم أسباب الإجابة.
__________________
(١) آل عمران : ١٠.