آتَيْنا مُوسَى الْهُدى) ما يهتدي به في الدين ، من المعجزات وصحف التوراة والشرائع ، بعد استئصال آل فرعون (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) وتركنا عليهم بعده ذلك التوراة (هُدىً) هداية يعرفون بها معالم دينهم (وَذِكْرى) وتذكرة لهم بها وعبرة. أو هاديا ومذكّرا. (لِأُولِي الْأَلْبابِ) لذوي العقول السليمة.
ثمّ أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصبر على تحمّل أذى قومه ، فإنّ الصبر مفتاح الفرج ، ولكلّ عسر يسر ، ولكلّ نازلة حسن عاقبة ، كعواقب أمور موسى بعد تحمّل المشاقّ من آل فرعون ، فقال :
(فَاصْبِرْ) على أذى المشركين في تكذيبهم إيّاك (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بنصرة الرسل (حَقٌ) واجب عليه ثابت لا يخلفه. واستشهد بموسى وما آتاه من أسباب الهدى والنصرة على فرعون وجنوده ، وإبقاء آثار هداه في بني إسرائيل. فالله ناصرك كما نصرهم ، ومظهرك على الدين كلّه ، ومبلغ ملك أمّتك مشارق الأرض ومغاربها.
(وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) وأقبل على أمر دينك ، وتدارك فرطاتك ـ كترك الأولى ـ بالاستغفار ، فإنّه تعالى كافيك في النصر وإظهار الأمر. ومثل هذا تعبّد من الله سبحانه لنبيّه ، لكي يزيد في الدرجات ، وليصير سنّة لمن بعده. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) ودم على التسبيح والتحميد لربّك. وقيل : من زوال الشمس إلى الليل ، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. وعن ابن عبّاس : يريد الصلوات الخمس. وقيل : صلّ لهذين الوقتين ، إذ كان الواجب بمكّة ركعتين بكرة وركعتين عشيّا.
وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «قال الله عزوجل : يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة ، وبعد العصر ساعة ، أكفك ما أهمّك».