فيه ، ليقابل قوله : «لتسكنوا».
(إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) لا يوازيه فضل. وللإشعار بهذا المعنى ـ الّذي هو مفاد تنكير الفضل ـ لم يقل : لمفضّل أو لمتفضّل. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) لجهلهم بالمنعم ، وإغفالهم مواقع النعم. وتكرير الناس ، وعدم الاكتفاء بالضمير ، لتخصيص الكفران بالناس ، كقوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) (١). (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (٢). (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣).
(ذلِكُمُ) المخصوص بهذه الأفعال المقتضية للألوهيّة والربوبيّة (اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) من السماوات والأرض وما بينهما (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أخبار مترادفة تخصّص اللاحقة السابقة وتقرّرها ، أي : هو الجامع لهذه الأوصاف ، من الإلهيّة والربوبيّة ، وخلق كلّ شيء وإنشائه بحيث لا يمتنع عليه شيء ، والوحدانيّة الّتي لا ثاني له (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) فكيف ومن أيّ وجه تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره ، مع وضوح الدلالة على توحيده؟! (كَذلِكَ) مثل ما أفك وصرف هؤلاء (يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) أي : يؤفك عن الحقّ كلّ من جحد بآيات الله ولم يتأمّلها ، ولم يكن همّه طلب الحقّ وخشية العاقبة. وهم من تقدّمهم من أكابرهم ورؤسائهم ، فإنّهم هم الّذين صرفوهم عن الحقّ.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ
__________________
(١) الحجّ : ٦٦.
(٢) العاديات : ٦.
(٣) إبراهيم : ٣٤.