يحصى كثرة.
(ذلِكُمُ) أي : فاعل هذه الأشياء (اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) فإنّ كلّ ما سواه مربوب ؛ مفتقر بالذات ، معرض للزوال.
(هُوَ الْحَيُ) المتفرّد بالحياة الذاتيّة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إذ لا موجود يساويه أو يدانيه في ذاته وصفاته (فَادْعُوهُ) فاعبدوه (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي : الطاعة ، من الشرك والرياء. قائلين (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) عن ابن عبّاس : من قال لا إله إلّا الله فليقل على أثرها : الحمد لله ربّ العالمين.
(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي) من الحجج العقليّة والآيات السمعيّة ، فإنّها مقوّية لأدلّة العقل ، ومؤكّدة لها ، ومضمّنة ذكرها ، نحو قوله تعالى : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (١). وأشباه ذلك من التنبيهات على أدلّة العقل. ولا شبهة أنّ تناصر الأدلّة العقليّة والسمعيّة أقوى في إبطال مذهبهم ، وإن كانت أدلّة العقل وحدها كافية.
(وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) أن أنقاد له. أو أخلص له ديني.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) أطفالا. والتوحيد لإرادة الجنس ، أو على تأويل كلّ واحد منكم (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) يتعلّق اللام فيه بمحذوف تقديره : ثمّ يبقيكم لتبلغوا. وكذا في قوله : (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) ويجوز عطفه على «لتبلغوا». وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص وهشام : شيوخا بضمّ الشين. (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) من قبل الشيخوخة. أو قبل بلوغ الأشدّ. أو من قبل هذه الأحوال إذا خرج سقطا. (وَلِتَبْلُغُوا) أي : ويفعل ذلك لتبلغوا (أَجَلاً مُسَمًّى) هو وقت الموت. وقيل : يوم القيامة. (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ما في ذلك من الحجج والعبر.
(هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) يحييكم ويميتكم. فأوّلكم من تراب ، وآخركم إلى
__________________
(١) الصافّات : ٩٥ ـ ٩٦.