ما يؤكل ويركب ، كالإبل والبقر.
وقيل : المراد بالأنعام هاهنا الإبل خاصّة ، لأنّها الّتي تركب ويحمل عليها في أكثر العادات.
(وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) كالألبان والجلود والأوبار والأصواف والأشعار (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) بأن تركبوها وتبلغوا المواضع الّتي تقصدونها بحوائجكم بالمسافرة عليها (وَعَلَيْها) في البرّ (وَعَلَى الْفُلْكِ) في البحر (تُحْمَلُونَ).
وإنّما قال : (وَعَلَى الْفُلْكِ) ولم يقل : في الفلك ، للمزاوجة. أو لأنّ معنى الإيعاء (١) ومعنى الاستعلاء كلاهما مستقيم ، لأنّ الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها. فلمّا صحّ المعنيان صحّت العبارتان ، كما قال : (قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) (٢).
ولم يقل : ولتأكلوا ، ليكون موافقا لما قبله وما بعده في التعليل ، كما هو مقتضى النظم ، لأنّ الركوب قد يكون في الحجّ والغزو ، وفي بلوغ الحاجة : الهجرة من بلد إلى بلد لإقامة دين أو طلب علم. وهذه أغراض دينيّة إمّا واجبة أو مندوبة ممّا يتعلّق به إرادة الحكيم. وأمّا الأكل وإصابة المنافع فمن جنس المباح الّذي لا يتعلّق به أمره ، لأنّ الأمر لا يكون إلّا بما فيه ترجيح من واجب أو ندب ، والمباح إنّما يكون مساوي الطرفين لا رجحان فيهما أصلا في نظر الشرع. فلأجل ذلك الفرق أورد الغرض في الركوب ، وترك في الأكل. أو للفرق بين العين والمنفعة.
(وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) دلالة الدالّة على كمال قدرته وفرط رحمته (فَأَيَّ آياتِ اللهِ) جاءت على اللغة المستفيضة المشهورة. وقولك : فأيّة آيات الله ، قليل ، لأنّ
__________________
(١) أوعيت الزاد والمتاع في الوعاء ، إذا جعلته في الوعاء وأدخلته فيه.
(٢) هود : ٤٠.