أنّ الأنصار أيضا كانوا يواسون المهاجرين مثل ذلك. فاتّفق (١) أنّ عين داود وقعت على امرأة رجل يقال له : أوريا ، وقيل : هو أخوه ، فأحبّها ، فسأله النزول له عنها ، فاستحى أن يردّه ففعل ، فتزوّجها ، وهي أمّ سليمان. فعوتب بأنّك مع عظم منزلتك ، وارتفاع مرتبتك ، وكبر شأنك ، وكثرة نسائك ، لم يكن ينبغي لك أن تسأل رجلا ليس له إلّا امرأة واحدة النزول ، بل كان ملائم شأنك الرفيع مغالبة هواك ، وقهر نفسك ، والصبر على ما امتحنت به. فعوتب على ذلك بنزول ملكين عليه ، كما حكاه الله سبحانه ، بعد أن أخبر أنّه أعطي الحكمة وفصل الخطاب.
(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ
__________________
(١) هذه الرواية رواها البيضاوي في (أنوار التنزيل ٥ : ١٧) وغيره من المفسّرين. وليت المفسّر قدسسره لم يذكرها أصلا ، لأنّها تتنافى وقداسة الأنبياء عليهمالسلام وعصمتهم ، وتتضمّن أفحش الافتراء والظلم على داود عليهالسلام ، ونسبة الخلاعة والمجون ومعاشقة حلائل الناس إليه ، ممّا يتعاطاه الفسقة والمستهترين بحرمات الله تعالى. وفي لفظ البيضاوي : فعشقها. مع أنّه روى ذيل هذه الرواية عن عليّ عليهالسلام : «أنّ من حدّث بحديث داود على ما يرويه القصّاص جلدته مائة وستّين». وناهيك بهذا حكما قاطعا ، وعقابا صارما ، وهو إمام المتّقين ، وأقضى الأمّة ، على ما نطق به الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم. ولعلّ جلد مائة وستّين حدّ الفرية على الأنبياء. فالرواية أشبه ما تكون من خرافات الجهّال والدجّالين ، وأساطير القصّاص والمشعوذين. ورحم الله المفسّر ، فما كان الأجدر والأليق به أن يطوي عن ذكرها كشحا ، ويتركها في قفص المهملات والموضوعات.