روي : أنّ رجلا ادّعى عنده بقرة على آخر ، وعجز عن إقامة البيّنة ، فأوحي إليه في المنام : أن اقتل المدّعى عليه. فقال : هذا منام. فأعيد الوحي في اليقظة ، فأعلم الرجل. فقال : صدقت ، إنّ الله لم يأخذني بهذا الذنب ، ولكن بأنّي قتلت أبا هذا غيلة ، وأخذت البقرة. فقتله ، فعظمت بذلك هيبته.
وقيل : كان يبيت حول محرابه أربعون ألف مستلئم (١) يحرسونه.
(وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) النبوّة. أو كمال العلم وإتقان العمل. وقيل : كلّ كلام وافق الحقّ فهو حكمة. (وَفَصْلَ الْخِطابِ) وفصل الخصام بتمييز الحقّ عن الباطل. وهو بمعنى المفعول ، أي : كلام مفصول بعضه من بعض. فمعنى فصل الخطاب : الكلام المخلص الّذي ينبّه من يخاطب به على المقصود من غير التباس عليه. ومن فصل الخطاب أن لا يخطئ صاحبه مظانّ الفصل والوصل ، والعطف والاستئناف ، والإضمار والإظهار ، والحذف والتكرار ، ونحوها.
ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل ، كالصوم (٢) والزور. والمعنى : الكلام الفاصل بين الخطاب الّذي يفصل بين الصحيح والفاسد ، والحقّ والباطل ، والصواب والخطأ.
وهو كلامه في القضايا والحكومات وتدابير الملك. وسمّي به «أمّا بعد» لأنّه يفصل المقصود عمّا سبق مقدّمة له ، من الحمد والصلاة.
وقيل : هو الخطاب المتوسّط الّذي ليس فيه اختصار مخلّ ، ولا إشباع مملّ.
كما جاء في وصف كلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : فصل ، لا نزر ، ولا هذر (٣).
وعن عليّ عليهالسلام : «هو قوله : البيّنة على المدّعي ، واليمين على المدّعى عليه».
روي : أنّه كان أهل زمان داود عليهالسلام يسأل بعضهم بعضا أن ينزل له عن امرأته ، فيتزوّجها إذا أعجبته. وكانت لهم عادة في المواساة بذلك قد اعتادوها. وقد روي
__________________
(١) أي : لابس اللأمة ، وهي الدرع.
(٢) يقال : هو صوم ، أي : صائم. ورجل زور ، أي : زائر.
(٣) النزر : القليل. والهذر : الكلام الرديء الّذي لا يعبأ به.