(بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) وقت دخول الشروق. يقال : أشرقت الشمس ولمّا تشرق. من : أشرق القوم إذا دخلوا في الشروق. ومنه قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) (١). وقول الجاهليّة : أشرق ثبير (٢) كيما نغير ، أي : وادخل في الضوء لنغير. ويراد وقت صلاة الفجر ، لانتهائه بالشروق.
والمعنى : يسبّحن الله إذا سبّح وقت الرواح والصباح. وذلك إمّا بأن خلق الله فيهنّ التسبيح ، أو بنى فيها بنية يتأتّى منها التسبيح معجزة له عليهالسلام.
وكذلك قوله : (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً) مجموعة إليه من كلّ جانب. وإنّما لم يقل : يحشرن ، مع أنّ فيه المطابقة بين الحالين ، لأنّ الحشر جملة أدلّ على القدرة منه مدرّجا.
وعن ابن عبّاس : كان داود إذا سبّح جاوبته الجبال بالتسبيح ، واجتمعت إليه الطير فسبّحته ، فذلك حشر الطير.
(كُلٌّ لَهُ) أي : كلّ واحد من الجبال والطير لأجل داود ـ أي : لأجل تسبيحه ـ (أَوَّابٌ) رجّاع إلى التسبيح. ووضع الأوّاب موضع المسبّح ، إمّا لأنّها كانت ترجّع التسبيح ، والمرجّع رجّاع ، لأنّه يرجع إلى فعله رجوعا بعد رجوع. وإمّا لأنّ الأوّاب ـ وهو التوّاب الكثير الرجوع إلى الله تعالى وطلب مرضاته ـ من عادته أن يكثر ذكر الله ، ويديم تسبيحه وتقديسه.
وقيل : الضمير لله ، أي : كلّ منهما ومن داود مرجّع لله التسبيح. والفرق بينه وبين «يسبّحن» أنّه يدلّ على الموافقة في التسبيح ، وهذا يدلّ على المداومة عليها.
(وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) وقوّيناه بالحرس والجنود وكثرة العدد والعدّة والهيبة ، بأن قذفنا في قلوب قومه هيبته.
__________________
(١) الحجر : ٧٣.
(٢) ثبير : اسم جبل بمكّة.