إنّما يتصوّر على الوجه الأوّل والأخير لا المتوسّط ، لأنّ الإقدار فرع الوجود.
وإنّما قال : «طائعين» ولم يقل : طائعتين على اللفظ ، أو طائعات على المعنى ، لأنّهما سماوات وأرضون ، باعتبار كونهما مخاطبتين ، فتكونا كقوله : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (١).
(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) فخلقهنّ خلقا إبداعيّا ، وأتقن أمرهنّ. والضمير للسماء على المعنى ، أو مبهم. و «سبع سموات» حال على الأوّل ، وتمييز على الثاني. (فِي يَوْمَيْنِ) قيل : خلق السماوات يوم الخميس ، والشمس والقمر والنجوم يوم الجمعة. (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) شأنها وما يتأتّى منها ، بأن حملها عليه اختيارا أو طبعا. وقيل : أوحى إلى أهلها بأوامره.
(وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) فإنّ الكواكب كلّها ترى كأنّها تتلألأ عليها (وَحِفْظاً) وحفظناها من الآفات أو من المسترقة حفظا. وقيل : مفعول له على المعنى ، كأنّه قال : وخصّصنا السماء الدّنيا بمصابيح زينة وحفظا. (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) البالغ في القدرة والعلم.
(فَإِنْ أَعْرَضُوا) عن الإيمان بعد هذا البيان (فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً) مهلكة تنزل بكم كما نزلت بمن قبلكم. أو فحذّرهم أن يصيبهم عذاب شديد الوقع كأنّه صاعقة. (مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ).
(إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ) حال من (صاعِقَةِ عادٍ). ولا يجوز جعله صفة لـ «صاعقة» ، أو ظرفا لـ «أنذرتكم» ، لفساد المعنى. (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أتوهم من جميع جوانبهم ، واجتهدوا بهم من كلّ جهة. أو من جهة الزمن الماضي بالإنذار عمّا جرى فيه على الكفّار ، ومن جهة المستقبل بالتحذير عمّا أعدّ لهم في الآخرة. وكلّ من اللفظين يحتملهما. أو من قبلهم ومن بعدهم ، إذ قد بلغهم خبر
__________________
(١) يوسف : ٤.