(وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ) أي : كنتم تستترون عن الناس عند ارتكاب الفواحش مخافة الفضاحة ، وما ظننتم أنّ أعضاءكم تشهد عليكم بها ، فما استترتم عنها. وفيه تنبيه على أنّ المؤمن ينبغي أن يتحقّق أنّه لا يمرّ عليه حال إلا وهو عليه رقيب. (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) فلذلك اجترأتم على ما فعلتم.
(وَذلِكُمْ) إشارة إلى ظنّهم هذا. وهو مبتدأ ، وقوله : (ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) خبران له. ويجوز أن يكون «ظنّكم» بدلا ، و «أرداكم» خبرا.
(فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) إذ صار ما منحوا للاستسعاد به في الدارين سببا لشقاء المنزلين.
(فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) لا خلاص لهم عنها (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) يسألوا العتبى. وهي الرجوع إلى ما يحبّون. (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) المجابين إليها.
ونظيره قوله تعالى حكاية : (أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) (١).
(وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (٢٥) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧) ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما
__________________
(١) إبراهيم : ٢١.