مزيدة لتأكيد النفي. (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ادفع السيّئة حيث اعترضتك بالحسنة الّتي هي أحسن منها ، على أنّ المراد بالأحسن الزائد مطلقا. أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات. ومثال ذلك : رجل أساء إليك إساءة ، فالحسنة أن تعفو عنه ، والّتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته إليك ، مثل أن يذمّك فتمدحه ، ويقتل ولدك فتفتدي ولده من يد عدوّه.
وإنّما لم يقل : فادفع ، لأنّه أخرجه مخرج الاستئناف ، على أنّه جواب من قال : كيف أصنع؟ للمبالغة. ولهذا آثر «أحسن» على الحسنة ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة ، لأنّ من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها.
وعن ابن عبّاس : «الّتي هي أحسن» الصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة.
وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «أنّ الحسنة التقيّة ، والسيّئة الإذاعة».
(فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) أي : إذا فعلت ذلك صار عدوّك المشاقّ مثل الوليّ الشفيق والحميم الشقيق.
(وَما يُلَقَّاها) وما يلقّى هذه السجيّة الّتي هي مقابلة الإساءة بالإحسان (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) فإنّها تحبس النفس عن الانتقام (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) من الخير وكمال النفس. وقيل : الحظّ العظيم الجنّة.
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) وإن يصبك (مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) نخس. شبّه به وسوسته ، لأنّها تبعث الإنسان على ما لا ينبغي ، كالدفع بما هو أسوأ. وجعل النزغ نازغا ، على طريقة : جدّ جدّه. أو أريد به نازغ ، وصفا للشيطان بالمصدر للمبالغة.
والمعنى : وإن صرفك الشيطان عمّا وصّيت به من الدفع بالّتي هي أحسن (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شرّه ، ولا تطعه ، وامض على شأنك (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لاستعاذتك (الْعَلِيمُ) بنيّتك ، أو بصلاحك.